والسنّة ، مفاده أنّ المسلمين حين نزلت هذه الآية استولى عليهم الرعب وأخذوا يبكون خوف ، لمعرفتهم بأنّ الإنسان معرض للخطأ ويحتمل كثيرا صدور ذنوب منه ، فلو فرض عدم وجود عفو أو غفران وأن يؤاخذ كل إنسان بجريرته ، فإنّ الأمر سيكون في غاية الصعوبة ، لذلك لجؤوا إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فذكروا له أن هذه الآية قد أفقدتهم كل أمل ، فأقسم النّبي لهم بالله أنّه ما جاءت به الآية هو الصحيح ، ولكنه بشّرهم بأنّها ستكون خير محفز لهم للتقرب إلى الله والقيام بالأعمال الصالحة ، وإنّ ما سيصيبهم من محن ومصائب وآلام حتى لو كانت من وخز شوكة سيكون كفارة لذنوبهم (١).
سؤال :
من الممكن أن يستدل البعض من الجملة القرآنية التالية : (وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) على أنّ قضية الشفاعة ونظائرها قد ألغيت بهذه الآية بصورة تامّة،فيعتبرونها دليلا لإلغاء الشفاعة بصورة مطلقة.
الجواب :
لقد أشرنا سابقا إلى أن الشفاعة لا تعني أنّ الشفعاء من أمثال الأنبياء والأئمة والصالحين لهم جهاز أو تنظيم مستقل يقابل قدرة الله ، بل الصحيح هو أنّ الشفعاء لا يشفعون لأحد إلّا بإذن الله ، وعلى هذا الأساس فإنّ مثل هذه الشفاعة ستعود في النهاية إلى الله وتعتبر فرعا من ولاية ونصرة وعون الله.
* * *
__________________
(١) نور الثقلين ، الجزء الأوّل ، ص ٥٥٣.