بنت النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وفاطمة بنت الزبير) من مكّة إلى المدينة ، ولحقت به أم أيمن ـ وهي إحدى زوجات النّبي المؤمنات ـ في أثناء الطريق نزلت الآية الحاضرة (١).
والمسألة كما قلناه ، فإن الأسباب المذكورة لنزول الآية لا تنافي الارتباط الذي أشرنا إليه بين هذه الآية. والآيات السابقة ، كما أنه لا تنافي أيضا بين هذين السببين المذكورين للآية أيضا.
التّفسير
النّتيجة الطّيبة لموقف أولي الألباب :
في الآيات الخمس الآنفة استعرض القرآن الكريم موجزا من إيمان أولي الألباب والعقول النّيرة ، وبرامجهم العملية ، وطلباتهم وأدعيتهم ، وفي هذه الآية يقول سبحانه : (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ) ، والتعبير بلفظة «ربّهم» حكاية عن غاية اللّطف ، ومنتهى الرحمة الإلهية بالنسبة إليهم : ثمّ يضيف قائلا : (أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ) دفعا للاشتباه والتوهم الذي قد يسبق إلى الذهن بأنه لا ارتباط بين الفوز والنجاة ، وبين أعمال الإنسان ومواقفه،ففي هذه العبارة إشارة واضحة إلى أصل «العمل» وإشارة أيضا إلى عامله ، حتى يتبيّن أن الملاك والمحور الأصلي لقبول الدعاء واستجابته هو الأعمال الصالحة الناشئة من الإيمان ، وأنّ الأدعية التي تستجاب فورا هي تلك التي يدعمها العمل الصالح.
ثمّ أنّه سبحانه يقول : (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ، بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) ، وهذا لأجل أن لا يتصور أحد أنّ هذا الوعد الإلهي يختص بطائفة معينة كالذكور دون الإناث مثلا ، فلا فرق في هذا الأمر بين أن يكون العامل ذكرا أو يكون أنثى ، لأنّ الجميع يعودون في أصل الخلقة إلى مصدر واحد (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) أي تولد بعضكم من بعض ، النساء من الرجال ، والرجال من النساء ، فلا تفاوت في هذه المسألة
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ٢ ، ص ٥٥٩ ، والميزان ، ج ٤ ، ص ٩٥ ـ ٩٦.