إذن بين الذكر أو الأنثى ، فلما ذا يكون تفاوت في الجزاء والثواب؟
ويمكن أن تكون عبارة (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) إشارة إلى أنّكم جميعا أتباع دين واحد ، ورواد منهج واحد وأنصار حقيقة واحدة ، فلا معنى لأن يفرق الله سبحانه بين جماعة واخرى ويميز بين طائفة وطائفة ، وجنس وآخر.
ثمّ أنّه سبحانه يستنتج من ذلك إذ يقول : (فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي ، وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) ، أي أنّ الله سبحانه كتب على نفسه أن يغفر لهؤلاء ذنوبهم ، جاعلا من هذه المشاق والمتاعب التي نالتهم كفارة لذنوبهم ، ليطهروا من أدرانها تطهيرا.
ثمّ يقول تعالى : (وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) مضافا إلى غفران ذنوبهم والتكفير عنهم.
وهذا هو الثواب الإلهي لهم على ما قاموا به من تضحية وفداء (ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ) ... إنّ لهم أفضل الأجر عند الله وأحسنه ، وقوله : (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ) إشارة إلى أنّ الأجر الإلهي والمثوبات الإلهية ليست قابلة للوصف للناس بشكل كامل في هذه الحياة ، بل يكفي أن يعلموا بأنّه أفضل وأعلى من أي ثواب.
هذا ويستفاد ـ جيدا ـ من هذه الآية أن الإنسان لا بدّ أن يتطهّر من أدران الذنوب في ظل العمل الصالح أوّلا ، ثمّ يدخل في رحاب القرب الرّباني والنعيم الإلهي ، لأنّه سبحانه قال أوّلا : (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) ثمّ قال : (لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ).
وبعبارة اخرى : أنّ الجنّة مقام المتطهرين ، ولا طريق لمن لم يتطهر إليها.
القيّمة المعنويّة للرّجل والمرأة :
إن الآية الحاضرة ـ كبقية الآيات القرآنية الاخرى ـ تساوي بين الرجل