فنزلت الآيات الحاضرة تجيب على هذا التساؤل (١).
التّفسير
سؤال مزعج :
السّؤال الذي مرّ ذكره في سبب نزول هذه الآيات والذي كان يطرحه بعض المسلمين في عصر النّبي يعتبر سؤالا عاما يطرح نفسه على الناس في كل زمان ومكان.
فإنّهم يرون كيف يتنعم العصاة والطّغاة ، والفراعنة والفسّاق ، ويرفلون في النعيم،ويعيشون الحياة الرفاهية ، والرخاء العريض ، ويقيسونه ـ غالبا ـ بحياة الشدّة والعسرة التي يعيشها جماعة من المؤمنين ، ويقولون متسائلين : كيف ينعم أولئك العصاة ـ مع ما هم عليه من الإثم والفساد والجريمة ـ بمثل تلك الحياة الرخية ، بينما يعيش هؤلاء ـ مع ما هم عليه من الإيمان والتقوى والصلاح ـ في مثل هذه الشدّة والعسرة ، وربّما أدى هذا الأمر ببعض ضعفاء الإيمان إلى الشك والتّردد.
ولو أنّنا درسنا هذا السؤال بصورة دقيقة وجيدة ، وحللنا عوامل الأمر وأسبابه في كلا الجانبين ، لظهرت أجوبة كثيرة على هذا التساؤل ، وقد أشارت هذه الآيات إلى بعضها ، ويمكننا الوقوف على بعضها الآخر بشيء من التأمل والفحص.
تقول الآية الأولى من هذه الآيات : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ) والمخاطب في هذه الآية وإن كان شخص النّبي الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إلا أنه من الواضح البيّن أن المراد هو عموم المسلمين.
ثمّ تقول : (مَتاعٌ قَلِيلٌ) أي أنّ هذه النّجاحات المادية التي يحرزها
__________________
(١) تفسير مجمع البيان والمنار والميزان.