حكم الزّواج بغير المسلمات :
بعد أن بيّنت هذه الآية حلية طعام أهل الكتاب تحدثت عن الزواج بالنساء المحصنات من المسلمات ومن أهل الكتاب ، فقالت بأنّ المسلمين يستطيعون الزّواج بالنساء المحصنات من المسلمات ومن أهل الكتاب ، شرط أن يدفعوا لهن مهورهن ، حيث تقول الآية:(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ...) على أن يكون التواصل بوسيلة الزّواج المشروع وليس عن طريق الزنا الصريح ، ولا عن طريق المعاشرة الخفية ، حيث تقول الآية : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) (١).
وهذا الجزء من الآية الكريمة يقلل في الحقيقة الحدود التي كانت مفروضة على الزواج بين المسلمين وغيرهم ، ويبيّن جواز زواج المسلم بالمرأة الكتابية ضمن شروط خاصّة.
وقد اختلف فقهاء المسلمين في أنّ جواز الزواج بالمرأة الكتابية هل ينحصر بالنوع المؤقت من الزّواج ، أو يشمل النوعين : الدائم والمؤقت؟
لا يرى علماء السنّة فرقا بين نوعي الزواج في هذا المجال ، ويعتقدون بأنّ الآية عامّة،بينما يعتقد جمع من علماء الشيعة أنّ الآية مقتصرة على الزواج المؤقت ، وتؤيّد روايات وردت عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام هذا الرأي أيضا.
والقرائن الموجودة في الآية يمكن أن تكون دليلا على هذا القول.
وأوّل هذه القرائن هو قوله تعالى : (إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) ولو أن لفظة «الأجر» تطلق على المهر في نوعي الزواج الدائم والمؤقت ، إلّا أنّها غالبا ما ترد لبيان المهر في الزواج المؤقت ، أي أنّها تناسب هذا الأخير أكثر.
__________________
(١) لقد أوضحنا في هذا الجزء من تفسيرنا هذا في تفسير الآية (٢٥) من سورة النساء ، أنّ كلمة «أخذان» جمع «خدن» وهي تعني في الأصل الصديق ، وعادة ما تطلق على الصداقة السرية غير الشرعية مع الجنس الآخر.