وإنّ الظلام هو مصدر كل عدم وفاقة.
٢ ـ وقال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا : «بالعدل قامت السموات والأرض» (١).
ويعتبر هذا القول من أوضح التعابير التي قيلت في شأن العدل ، ومعناه أنّ حياة البشر المحدودة في الكرة الأرضية ليست وحدها التي يكون قوامها العدل ، بل إنّ حياة ووجود الكون بأكمله ، والسماوات والأرضين كلها قائمة بالعدل ، وفي ظل حالة من توازن القوى الفاعلة فيها ، ووجود واستقرار كل شيء في محله منها ، بحيث لو أنّها انحرفت عن هذا التوازن لحظة واحدة أو بمقدار قيد أنملة لحكمت على نفسها بالفناء والزوال.
ويؤيد هذا القول حديث آخر هو : «الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم» لأنّ للظلم أثرا سريعا في هذه الحياة الدنيوية ومن نتائجه الحروب والاضطرابات والقلاقل والفوضى السياسية والاجتماعية والأخلاقية والأزمات الاقتصادية التي تعمّ العالم اليوم ، وهذا ما يثبت الحقيقة المذكورة بصورة جيدة.
ويجب الانتباه جيدا إلى أنّ اهتمام الإسلام لم ينصب في مجرد العدالة ، بل إنّه أولى أهمية أكبر لتحقيق العدالة ، وطبيعي أنّ محض تلاوة هذه الآيات في المجالس أو من على المنابر ، وكتابتها في الكتب ، لا يجدي نفعا في استعادة العدالة المفقودة ، وعلاج التمييز الطبقي والعنصري ، والفساد والاجتماعي في المجتمع الإسلامي ، بل إنّ عظمة هذه الآيات والأحكام تتجلّى في يوم تطبق فيه العدالة في صميم حياة المسلمين.
* * *
بعد التأكيد الشديد الذي حملته الآية الكريمة حول قضية العدالة وضرورة تطبيقها بادرت الآية التالية وتمشيا مع الأسلوب القرآني ، فأعادت إلى الأذهان
__________________
(١) تفسير الصافي ، في تفسير الآية ٧ من سورة الرحمن.