مقالتهم (١).
هذا ويستفاد من هذه الرواية أن النجاشي اعتنق الإسلام بالكامل وإن لم يظهر ذلك.
التّفسير
أهل الكتاب ليسوا سواء :
قلنا ـ في ما سبق ـ ان القرآن الكريم إذا تطرق إلى أمور حول إتباع الشرائع الاخرى لم ينظر إلى الجميع نظرة سواء ، ولم يحسب لهم حسابا واحدا ، ولم تتسم أبحاثه حولهم بصفة قومية أو حزبية علائية ، بل ينطلق في أحكامه من أسس اعتقادية ومبدئية ، ولهذا ينتقد أعمالهم ، وممارساتهم ولا يتناول بسوء قومياتهم أو أجناسهم ، ولهذا لا ينسى فضل تلك القلّة المؤمنة الصالحة منهم والتي تميزت عن الأكثرية الساحقة بصلاحها وحسن عملها ، ولا يتجاهل قيمتها ومكانتها.
والمقام الذي نحن فيه هو أحد تلك الموارد التي جاء فيها الكلام عن هذه القلة المؤمنة الصالحة التي استجابت لدعوة الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وخضعت للحق.
فالآية الحاضرة بعد أن وبّخت كثيرا من أهل الكتاب على كتمانهم لآيات الله،وطغيانهم وتمردهم في الآيات السابقة ذكرت هذه القلّة المؤمنة ، وبينت خمسا من صفاتها الممتازة هي :
١ ـ (يُؤْمِنُ بِاللهِ) (أي أنهم يؤمنون بالله عن طواعية وصدق).
٢ ـ (وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) (أي يؤمنون بالقرآن).
٣ ـ (وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ) أي إيمانهم بنبيّ الإسلام نابع في الحقيقة من إيمانهم بكتبهم السّماوية الواقعية التي بشّرت بهذا النّبي ودعت إلى الإيمان به إذا ظهر ، فهم في الحقيقة يؤمنون بكتبهم.
__________________
(١) أسباب النزول للواقدي.