وقطعت أوصالهم وقتلوا ، لكي يصبحوا عبرة لغيرهم فلا تسول لأحد نفسه أن يرتكب مثل هذه الجرائم الوحشية البشعة ، وقد نزلت الآيتان الأخيرتان وهما تبيّنان حكم الإسلام في هذه الجماعة (١).
جزاء مرتكب العدوان :
تكمل الآية الأولى ـ من الآيتين الأخيرتين ـ البحث الذي تناولته الآيات السابقة حول قتل النفس ، وتبيّن جزاء وعقاب من يشهر السلاح بوجه المسلمين ، وينهب أموالهم عن طريق التهديد بالقتل أو بارتكاب القتل ، فتقول : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ).
ومعنى قطع الأيدي والأرجل من خلاف هو أن تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى.
ويجدر الانتباه هنا إلى عدّة أمور ، وهي :
١ ـ إنّ المراد جملة (الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) الواردة في الآية ـ كما تشير إليه أحاديث أهل البيت ويدل عليه سبب نزول الآية ـ هو ارتكاب العدوان ضد أرواح أو أموال الناس باستخدام السلاح والتهديد به ، سواء كان هذا العدوان من قبل قطاع الطرق خارج المدن أو داخلها ، وعلى هذا الأساس فإن الآية تشمل أيضا الأشرار الذين يعتقدون على أرواح الناس وأموالهم ونواميسهم.
والذي يلفت الانتباه في هذه الآية هو أنّها اعتبرت العدوان الممارس ضد البشر بمثابة إعلان الحرب وممارسة العدوان ضد الله ورسوله ، وهذه النقطة تبيّن بل تثبت مدى اهتمام الإسلام العظيم بحقوق البشر ورعاية أمنهم وسلامتهم.
٢ ـ المراد بقطع اليد أو الرجل ـ المذكور في الآية ، وكما أشارت إليه كتب
__________________
(١) تفسير المنار ، الجزء السادس ، ص ٣٥٣ ، وتفسير القرطبي ، ج ٣ ، ص ٢١٤٥.