القسم يعتبر ـ أيضا ـ واحدا من المعاني الداخلة في المفهوم الواسع لكلمة «الوسيلة».
والذين خصصوا هذه الآية وقيدوها ببعض هذه المفاهيم لا يمتلكون في الحقيقة أي دليل على هذا التخصيص ، لأنّ كلمة «الوسيلة» تطلق في اللغة على كل شيء يؤدي إلى التقرب.
والجدير بالذكر هنا هو أنّ المراد من التوسل لا يعني ـ أبدا ـ طلب شيء من شخص النّبي أو الإمام ، بل معناه أن يبادر الإنسان المؤمن ـ عن طريق الأعمال الصالحة والسير على نهج النّبي والإمام ـ بطلب الشفاعة منهم إلى الله ، أو أن يقسم بجاههم وبدينهم (وهذا يعتبر نوعا من الاحترام لمنزلتهم وهو نوع من العبادة) ويطلب من الله بذلك حاجته،وليس في هذا المعنى أيّ أثر للشرك ، كما لا يخالف الآيات القرآنية الأخرى ، ولا يخرج عن عموم الآية الأخيرة موضوع البحث «فتدبّر».
التوسل في القرآن :
هناك آيات قرآنية أخرى تدل بوضوح على أنّ التوسل بمقام إنسان صالح عند الله،وطلب شيء من الله عن طريق التوسل بجاه هذا الإنسان عند الله ، لا يعتبر أمرا محظورا ولا ينافي التوحيد.
فنحن نقرأ في الآية (٦٤) من سورة النساء قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً).
كما نقرأ في الآية (٩٧) من سورة يوسف ، إنّ أخوة يوسف طلبوا من أبيهم أن يستغفر لهم الله ، فقبل يعقوب هذا الطلب ونفذه.
والآية (١١٤) من سورة التوبة تشير إلى موضوع استغفار إبراهيم لأبيه ، وهذا دليل على تأثير دعاء الأنبياء في حق الآخرين.