ثمّ إنّ هناك في الفقه الإسلامي بابا خاصّا ـ في كتاب الجهاد ـ تحت عنوان «المرابطة» بمعنى الاستعداد والتأهب الكامل في الثغور لحراستها وحمايتها وحفظها أمام حملات الأعداء الاحتمالية ، وقد ذكرت لها أحكام خاصّة يقف عليها كل من راجع الكتب الفقهية.
هذا وقد أطلق على العلماء ـ كما في بعض الأحاديث ـ صفة المرابط ، فعن الإمام الصادق عليهالسلام: «علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الذي يلي إبليس وعفاريته ، ويمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا وعن أن يتسلط عليهم إبليس ...» (١).
وتعتبر نهاية هذا الحديث العلماء أعلى مكانة من الجنود والقادة الذين يحرسون الثغور ويذبون عنها أعداء الإسلام. وما ذلك إلّا أن العلماء حماة الدين وحرّاسه والأمناء المدافعون عن القيم الإسلامية ، والجنود حماة الثغور الجغرافية ، ومن الثابت المسلم به أن الثغور الفكرية والثقافية لأمّة من الأمم لو تعرضت لكيد الأعداء ، ولم تستطع الذّب عنها بنجاح ، فإنّها سرعان ما تصيبها الهزائم العسكرية والسياسية أيضا.
٤ ـ (وَاتَّقُوا اللهَ) وهذا بالتالي آخر التعاليم والأوامر في هذا البرنامج ، وهو بمثابة المظلة الواقية لما سبقها من التعاليم أنّه حثّ على التقوى ، ولا بدّ للاستقامة والمصابرة والمرابطة من أن تمتزج بعنصر التقوى ، ولا يشوبها شيء من أنانية أو رياء أو أغراض شخصية.
(لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وهكذا تختم الآية هذا البرنامج بذكر النّتيجة التي تنتظر كلّ من يطبق هذا البرنامج ، إنه الفلاح والنجاح الذي يمكنكم الوصول إليه عبر الأخذ بهذه التعاليم والأوامر ، وإلّا فلن تحصلوا على شيء من النجاح والإنتصار.
__________________
(١) الإحتجاج للطبرسي ، الفصل الأول.