إنّ ملاحظة الآيات القرآنية المختلفة ـ في هذا المجال ـ تكشف عن أن الإسلام يولي هذا الموضوع أهمية كبرى ، ويهدد الخائنين في أموال اليتامى بالعقوبات الشديدة ، ويدعو القيمين على اليتامى بكلمات صريحة وجازمة إلى مراقبة أموالهم والمحافظة عليها مراقبة شديدة، ومحافظة بالغة ، وسيأتي تفصيل كلّ هذا في نفس هذه السورة في الآيات القادمة ، وفي ذيل الآيات (١٥٢) من سورة الأنعام ، و (٣٤) من سورة الإسراء.
إنّ اللهجة القوية التي اتسمت بها هذه الآيات قد تركت من التأثير البالغ في نفوس المسلمين بحيث خافوا أن يخالطوا اليتامى وأن يشتركوا معهم في الطعام ، ولهذا كانوا يهيئون طعاما خاصّا لأنفسهم ولأولادهم ، وطعاما مستقلا لليتامى ولا يخالطون طعام اليتامى بطعامهم خشية الإجحاف بهم ، وقد شقّ هذا على الجميع ـ اليتامى والأولياء ـ ولهذا أمرهم سبحانه في الآية (٢٢٠) من سورة البقرة قائلا (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) أي إن كان في مخالطتهم لطعام اليتيم بطعامهم خير ومصلحة لليتيم فلا بأس (١).
* * *
__________________
(١) وللتوسع والتفصيل الأكثر راجع ما ذكرناه في تفسير هذه الآية في سورة البقرة في الجزء الثاني من هذا التّفسير.