ودخل فرغانة ، وسمع بها من محمد بن جعفر البندار الشافعي وإسماعيل ابن منصور بن أحمد القصار وتميم بن عبد الله بن تميم القرشي وغيرهم.
وهكذا نرى المؤلف وهو في سن الشيخوخة ـ إذ قد تجاوز الستين ـ لا يزال يطوي المسافات الشاسعة في طلب الحديث وسماعه وإسماعه ، ومعه من مصنفاته ٢٤٥ كتابا.
وأكبر الظن أنه لم يسافر بعد سفره إلى ديار ما وراء النهر في سنة ٣٦٨ حتى توفى سنة ٣٨١ بالري ، إذ لم نعثر على ما يشير إلى ذلك ، ولا شك أنه كان في أخريات أيامه بالري حيث أقام بها بعد أن قطع المسافات الشاسعة وطاف كثيرا من البلدان النائية في سبيل سماع الحديث وإسماعه لم يتلهف لماضي تمنى رجوعه ، كما لم يتوجع لحادث يخشى وقوعه ، بالرغم من تقدم سنه في الشيخوخة ، ومضافا إلى مكانته الاجتماعية وصلاته الوثيقة برجال الحكم في الري فإنه لو أراد أن ينعم بظلال الحياة الوارف كغيره من القابعين في بيوتهم لكان ذلك من أيسر ما يروم ، لكنه العالم الذي عرف لذة العلم ، فهو لا يأنس إلا بكتابه ولا يطربه إلا صرير قلمه ، ولا يرى الكرامة والسعادة إلا بين المحابر والدفاتر ، فلا غرابة إذا ما أنتج عقله النتاج القيم ، وأثمر علمه الكثير الطيب ، فهو في نحو سبعة عقود ونصف من أعوام الحياة التي عاشها غذى المكتبة الاسلامية في فنون العلم والآداب نحوا من ثلاثمائة مصنف (١) وقيل أكثر من ذلك.
وقد ذكر سماحة سيدي الوالد دام ظله في رسالته حياة الشيخ الصدوق تفصيل أسماء آثاره مع الإشارة إلى ما وصلت إلينا نسخته وهو يبلغ العشر بالنسبة إلى ما حفظ اسمه واندثر رسمه ومجموعها (٢٢٠) كتابا ورسالة أما ما بقي فقد استأثر به التاريخ فلم يسمح حتى باسمه.
__________________
(١) فهرست الطوسي ص ١٣٥ ، ومعالم العلماء ص ١١١ وراجع بشأنها مقدمة الفقيه ص ٣٤ إلى ٦٠.