بما منه : كتابة المصحف على الوجه الذي يعلله النحاة في ذوات الواو والياء والهمز والمدّ والقصر ، فكتبوا ذوات الياء بالياء وذوات الواو بالألف.
ونحن نؤيد هذا الرأي الطريف للسيوطي .. مستدلين بما يلي :
١ ـ تبيين علي بن أبي طالب لأبي الأسود جملا من القواعد الاصطلاحية السابقة ، إذ كون ذلك ألهمه الإمام خاصة بعيد ، ويبعده أيضا قوله لأبي الأسود : وما عنّ لك من الزيادة فاضممه إليه ، أي مما كان كهذه الضوابط ، فهذا صريح أو كالصريح في أن هذا العلم كان معروفا بينهم أو بين أفراد منهم لا مجرد صحة النطق سليقة.
٢ ـ قول عمر بن الخطاب : «لا يقرأ القرآن إلا عالم باللغة العربية» فإن المتبادر منه قواعدها وأصولها التي بها يعرف وجوه الكلام بمعونة المقام ، إذ لو كان المراد مجرد المتكلمين بالصواب لزم منع كل عجمي منه ، ولم يكن وجه للتخصيص بالعالم باللغة بالنظر الى العرب إذ القوم جميعا أعراب معتدلو الألسنة بالسليقة ، وتجويزه القرآن لمن كان عارفا دون غيره صريح في أن منهم عارفين باللغة ومنهم جاهلين بها ، فيلزم أن يكون معرفة العارفين قدرا زائدا على ما عند غيرهم ، وليس إلا القواعد والضوابط.
٣ ـ إنه حيث كان علم العروض واصطلاحاته معلوما لدى بعض العرب كما صرح به الوليد بن المغيرة إذ قال في القرآن لما قيل انه شعر : لقد عرضته على هزجه ورجزه فلم أره يشبه شيئا من ذلك ، والشعر لم بكن إلا لأفراد من العرب ، فلأن تكون قواعد العربية التي هي لسانهم جميعا معلومة عند البعض أولى.