ان البعث إنّما يكون لإحداث الداعي للمكلف إلى المكلف به بأن يتصوره بما يترتب عليه (١) من المثوبة ، وعلى تركه من العقوبة ، ولا يكاد يكون هذا (٢) إلّا بعد البعث بزمان ، فلا محالة يكون البعث نحو أمر متأخر عنه (٣) بالزمان ، ولا يتفاوت طوله وقصره (٤) فيما هو ملاك الاستحالة والإمكان في نظر العقل الحاكم في هذا الباب (٥).
ولعمري ما ذكرناه واضح لا سترة عليه ، والإطناب إنّما هو لأجل رفع المغالطة الواقعة في أذهان بعض الطلاب.
وربما أشكل (٦) على المعلّق أيضا بعدم القدرة على المكلّف به في حال البعث (٧) ، مع أنّها من الشرائط العامة.
______________________________________________________
(١) الأولى أن يقال : ـ على فعله من المثوبة ـ في مقابل : ـ وعلى تركه من العقوبة ـ ، أو إسقاط ـ وعلى تركه ـ بأن يقال : ـ عليه من المثوبة والعقوبة ـ كما لا يخفى.
(٢) أي : إحداث الداعي الموجب للانبعاث.
(٣) أي : البعث.
(٤) الأوّل في الواجب المعلّق ، والثاني في المنجّز.
(٥) وهو تخلّف الإرادة التشريعية عن المراد ، وملاك الاستحالة هو : تخلّف الانبعاث عن البعث ، فإن كان مستحيلا ، فلا فرق في الاستحالة بين المعلّق والمنجز. وإن كان ممكنا ، فكذلك أيضا ، ولا دخل لطول الزمان وقصره في الاستحالة والإمكان.
(٦) هذا إشكال آخر من إشكالات الواجب المعلق ، وحاصله : انتفاء القدرة على الواجب المعلّق حين الوجوب ، مع أنّها من شرائط التكليف العامة ، ومقتضى شرطيتها انتفاء الوجوب بانتفائها ، فالحج في الموسم قبل وقته ـ لعدم القدرة عليه ـ غير واجب ، وكذا غيره من الواجبات المعلقة ، لعدم القدرة عليها حين إيجابها.
(٧) يعني : حدوث البعث الّذي هو مقدّم على زمان الواجب.