لا يكاد يكون بلا داع ، فان كان الداعي فيه التوصل به إلى واجب لا يكاد [يمكن] التوصّل بدونه إليه (١) ، لتوقّفه عليه ، فالواجب غيري ، وإلّا فهو نفسي سواء كان
______________________________________________________
(١) أي : إلى واجب ، وضمائر بدونه وبه وإيجابه ـ ترجع إلى ـ شيء ـ ، وضمير ـ فيه ـ راجع إلى ـ طلب ـ ، وقوله : ـ لا يكاد ـ نعت ل ـ واجب ـ.
وملخص مرامه (قده) : أنّ هذا التقسيم يكون باعتبار دواعي الطلب ، فان كان الدّاعي إلى طلب شيء التوصّل به إلى واجب لا يمكن إيجاده إلّا بإيجاد ذلك الشيء كان وجوب ذلك الشيء غيريّا ، كالمسير إلى الحجّ ، فإنّه مطلوب للتوصّل إلى الحجّ الّذي لا يوجد إلّا بالمسير. وإن لم يكن الدّاعي إلى طلب شيء التوصّل به إلى واجب كان ذلك وجوبا نفسيّا ، كوجوب الحج ، فإنّ طلبه ليس لأجل التوصّل إلى واجب.
واعلم : أنّ جلّ الأصوليّين عرّفوا الواجب النفسيّ بـ «ما أمر به لنفسه».
والغيري بـ «ما أمر به لأجل غيره». وأورد عليه كما في التقريرات بـ «أنّه يلزم أن يكون جميع الواجبات الشرعية أو أكثرها من الواجبات الغيريّة ، إذا المطلوب النّفسي قلّما يوجد في الأوامر ، فإنّ جلّها مطلوبات لأجل الغايات الّتي هي خارجة عن حقيقتها ، فيكون أحدهما غير منعكس ، ويلزمه أن يكون الآخر غير مطّرد ، لانتفاء الواسطة» انتهى موضع الحاجة من كلام التقريرات. وحاصله : الاعتراض على التعريف المذكور بعدم كونه جامعا للأفراد ، لأنّ أكثر الواجبات النفسيّة وجبت للغايات المترتّبة عليها ، فهي واجبة لأجل تلك الغايات ، فتخرج عن الواجب النفسيّ ، وتندرج في الواجب الغيري.
وبالجملة : التعريف المزبور بالنسبة إلى الواجب النّفسي غير منعكس ، وبالإضافة إلى الواجب الغيري غير مطّرد ، لدخول أكثر الواجبات النفسيّة في الواجب الغيري ، لما عرفت : من أنّها واجبة لأجل الغايات المترتّبة عليها ، ولذا عدل المصنّف عن هذا التعريف إلى ما في التقريرات من قوله : «فالأولى في تحديدهما