الداعي محبوبيّة الواجب بنفسه ، كالمعرفة بالله تعالى (١) (*) ، أو محبوبيّته (٢) بماله من فائدة مترتّبة عليه ، كأكثر الواجبات (٣) من العبادات والتوصّليّات ، هذا.
لكنه لا يخفى : أنّ الداعي لو كان هو محبوبيّته كذلك ـ أي بما له من الفائدة المرتّبة عليه ـ كان الواجب (٤) في الحقيقة واجبا غيريّا ،
______________________________________________________
أن يقال : إنّ الواجب الغيري ما أمر به للتوصّل إلى واجب آخر ، والنفسيّ ما لم يكن كذلك ، فيتم العكس والطرد».
(١) غرضه : تعميم الواجب النّفسي إلى ما إذا كان مطلوبا لمحبوبيّته بنفسه كالمعرفة بالله تعالى ، وإلى ما إذا كان مطلوبا لما يترتّب عليه من الفائدة ، كأكثر الواجبات من العباديّة كالصلاة ، والصوم ، والحج ، وغيرها ، والتوصليّة كتكفين الميّت ، ودفنه ، وغيرهما من الواجبات التوصّليّة.
وبالجملة : فللواجب النفسيّ قسمان : أحدهما : ما يكون واجبا بنفسه.
والآخر : ما يكون واجبا لما يترتّب عليه من الفائدة ، كأكثر الواجبات ، ولذا قيل : إنّ الواجبات السمعيّة ألطاف في الواجبات العقليّة.
(٢) معطوف على قوله : ـ محبوبيّة الواجب ـ ، والضمائر في ـ محبوبيّته وله وعليه ـ راجعة إلى الواجب.
(٣) احتراز عمّا لا يكون فيه فائدة إلّا الامتحان ونحوه ، إلّا ان يقال : إنّ الامتحان أيضا فائدة ، فيندرج فيما يكون محبوبيّته لما يترتّب عليه من الفائدة ، فالظاهر أنّ مقابل الأكثر هو ما يكون الدّاعي إلى إيجابه محبوبيّته بنفسه كالمعرفة بالله تعالى.
(٤) أي : القسم الثاني من الواجب النفسيّ ، وهو : كونه واجبا لما فيه من الفائدة ، وغرضه من قوله : ـ لكنه لا يخفى ... إلخ ـ الإشكال على تعريف الواجب الغيري بما ذكر من كون وجوبه لأجل الوصلة إلى واجب آخر.
__________________
(*) إن لم يكن حسن المعرفة لأجل كونها شكرا له تعالى ، وإلّا فهو كأكثر الواجبات المحبوبة لأجل ما يترتّب عليها من الفائدة ، فتدبر.