الواقعي لا ينافى (١) اتّصافه بالطلب الإنشائيّ أيضا ، والوجود الإنشائيّ لكلّ شيء ليس إلّا قصد حصول مفهومه بلفظه ، كان هناك طلب حقيقي أو لم يكن ، بل كان إنشاؤه بسبب آخر (٢).
ولعل (٣) منشأ الخلط والاشتباه تعارف التعبير عن مفاد الصيغة بالطلب المطلق (٤) ، فتوهم منه : أنّ مفاد الصيغة يكون طلبا حقيقيّا يصدق عليه الطلب بالحمل الشائع ، ولعمري أنّه (٥) من قبيل اشتباه المفهوم بالمصداق ، فالطلب
______________________________________________________
(١) خبر ـ اتصاف ـ ، يعني : أنّ مطلوبيّة فعل حقيقة لا تنافي مطلوبيّته إنشاء أيضا ، لما عرفت من : أنّ النسبة بينهما عموم من وجه ، فتجتمعان. وقد عرفت : عدم إمكان إنشاء الطلب الخارجي ، فالهيئة موضوعة لإنشاء مفهوم الطلب ، ويتّصف الفعل بكونه مطلوبا إنشائيّا سواء أكان إنشاؤه بداعي الطلب الحقيقي ، أم غيره كالامتحان ، أو التعجيز ، أو غيرهما من الدواعي المصحّحة لإنشاء الطلب ، فإنّ الوجود الإنشائيّ لكلّ شيء ليس قصد حصول ذلك الشيء في الخارج ، من دون فرق بين وجوده في الخارج وعدمه.
(٢) غير الطلب الحقيقي من سائر دواعي الإنشاء ، وضمير ـ إنشاؤه ـ راجع إلى الطلب.
(٣) غرضه : التنبيه على منشأ تخيّل كون مفاد الهيئة الطلب الحقيقي ، وحاصل منشإ هذا التوهم هو : تعارف التعبير عن مفاد الصيغة بالطلب المطلق من دون تقييده بالحقيقي ، أو الإنشائيّ ، وهذا التعبير صار موجبا لتوهّم كون مفاد الصيغة طلبا حقيقيّا ، وهو غير قابل للتقييد ، لكونه فردا يصدق عليه الطلب بالحمل الشائع.
(٤) أي : من دون تقييده بالحقيقي والإنشائيّ ، وضمير ـ منه ـ راجع إلى الطلب المطلق.
(٥) يعني : هذا الاشتباه من قبيل اشتباه المفهوم بالمصداق ، حيث إنّ الطلب غير القابل للتقييد هو الحقيقي القائم بالنفس ، والطلب القابل للتقييد هو مفهومه