إشكال ودفع : أما الأوّل فهو : أنّه (١) إذا كان الأمر الغيري بما هو لا إطاعة له ، ولا قرب في موافقته ، ولا مثوبة على امتثاله ، فكيف حال بعض المقدمات (٢) كالطهارات ، حيث لا شبهة في حصول الإطاعة والقرب والمثوبة بموافقة أمرها (٣) ، هذا. مضافا (٤) إلى : أنّ الأمر الغيري لا شبهة في كونه توصّليّا ،
______________________________________________________
(١) الضمير للشأن ، وضمير ـ فهو ـ راجع إلى الأوّل المراد به الإشكال الّذي محصله : أنّه ـ بناء على عدم كون الأمر الغيري موجبا للقرب الّذي يترتّب عليه استحقاق المثوبة ـ يشكل الأمر في المقدّمات العباديّة ، كالطهارات الثلاث ، حيث إنّه يترتّب عليها الثواب بلا كلام ، مع كونها من المقدّمات ، وقد عرفت : أنّهم بنوا فيها على عدم استحقاق الثواب عليها.
(٢) أي : العباديّة الّتي يعتبر فيها قصد التعبّد ، وقوله : ـ حيث لا شبهة ـ تقريب للإشكال ، وقد عرفته آنفا.
(٣) أي : الطهارات الثلاث.
(٤) هذا إشكال آخر على المقدّمات العباديّة كالطهارات الثلاث ، وحاصله : عدم تمشّي قصد القربة فيها ، حيث إنّ الأمر الغيريّ المقدّمي توصّلي ، إذ الغرض منه هو التوصّل إلى ذي المقدّمة بمجرد وجود المقدّمة ، ولا يعتبر في متعلّق الأمر المقدّمي قصد القربة ، مع أنّه لا شبهة عندهم في عدم صحّة الطهارات الثلاث بدون قصد القربة ، فما المصحّح لاعتبارهم قصد التقرّب فيها؟
وبالجملة : الأمر الغيري لا يصلح للمقرّبية ، والصالح لها هو الأمر النّفسي ، فالإشكال على المقدّمات العبادية من وجهين :
أحدهما : ترتّب الثواب عليها ، مع أنّ أوامرها غيريّة.
ثانيهما : عباديّة هذه المقدّمات ، لاعتبارهم قصد التقرّب فيها كما عرفت ، مع أنّ أوامرها غيريّة كما مر ، والعباديّة من شئون الأمر النّفسي ، واتّصاف الأمر الغيري بها من قبيل اتصاف الضدّ بخاصّة ضدّه ، وهو غير ممكن ، لأنّ النفسيّة