مستحبة وعبادة ، وغاياتها (١) إنّما تكون متوقفة على إحدى هذه العبادات ،
______________________________________________________
(١) أي : الطهارات ، وغرضه : دفع الجهة الثانية من الإشكال ، وهي : أنّ أمرها الغيريّ توصّليّ ، ولا يصحّ التقرّب به ، مع وضوح كون الطهارات من العبادات ، وهي تحتاج إلى ما يصحّح عباديّتها ، وهو الأمر النفسيّ المصحّح لأن يتقرّب بها ، وهو مفقود في الطهارات ، فأين الأمر العبادي المصحّح لعباديّتها؟
وحاصل الدفع : أنّ غايات الطهارات الثلاث كالصلاة ، والطواف ، وغيرهما لا تترتّب على تلك الطهارات إلّا أن يؤتى بها على وجه العبادة ، فلها الأمر النفسيّ أيضا ، فهي وإن كانت مقدّمات لغاياتها ، إلّا أنّها في الحقيقة عبادات ، بمعنى : كون أمرها النّفسي العبادي موضوعا للأمر الغيري المقدّمي ، فموضوع الأمر الغيري عبادة ، وليس هو ذوات الأفعال مطلقا حتى يستشكل في عباديّتها بعدم أمر عبادي مصحّح لعباديّتها.
__________________
ويدل عليه : ـ مضافا إلى ذلك ـ ما دلّ من الروايات على تنزيل الطهارة الترابيّة منزلة المائيّة ، وأنّ التيمم مصداق للطهور ، وفرد له كالوضوء ، والغسل ، كقوله عليهالسلام في رواية (١) الحلبي تعليلا للنهي عن دخول الركيّة : «لأنّ ربّ الماء هو ربّ الأرض فليتيمّم» ، وقوله عليهالسلام في رواية (٢) ابن أبي يعفور ، وعنبسة بن مصعب : «فتيمّم بالصعيد ، فإنّ ربّ الماء هو ربّ الصعيد» ، ونحو هذا التعبير منتشر في النصوص (٣). وقوله صلىاللهعليهوآله في ما رواه الصدوق رحمهالله : «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» (٤)
فيندفع بذلك ما أورده المحقق النائيني (قده) على المتن من : «أنّ هذا
__________________
(١) الوسائل ، كتاب الطهارة ، الباب ٣ من أبواب التيمم ، الحديث ١.
(٢) الوسائل ، كتاب الطهارة ، الباب ٣ من أبواب التيمم ، الحديث ٢.
(٣) المصدر المتقدم ، الحديث ٤ وغيره.
(٤) الوسائل : كتاب الطهارة ، الباب ٧ من أبواب التيمم ، الحديث ٢. وهذه الجملة بعينها مذكورة في الحديث ٣ من نفس الباب).