الطهارات صحّتها (١) ولو لم يؤت بها (٢) بقصد التوصّل بها إلى غاية من غاياتها. نعم لو كان المصحّح لاعتبار قصد القربة فيها أمرها الغيري (*) لكان قصد الغاية
______________________________________________________
عباديّة الطهارات من كونها مستحبات نفسيّة ، وأنّ الموجب لعباديّتها هو أمرها الاستحبابي النفسيّ ـ لا حاجة إلى قصد غاياتها ، بل هي صحيحة بدون قصدها ، وذلك لعدم نشوء عباديّتها عن الأمر الغيري حتى تتوقّف صحّتها على قصد ذلك الغير أعني غاياتها ، فلو توضّأ بداعي استحبابه النّفسي صحّ ، ويجوز حينئذ إتيان المشروط بالطهارة به ، لأنّ المقدّمة هي الطهارات المستحبة النفسيّة العباديّة المتوقّفة على قصد أو امرها النفسيّة الندبيّة العباديّة.
نعم لو كان المصحّح لاعتبار قصد القربة في الطهارات أمرها الغيري ، فلا بد من قصد الغاية حتى تقع الطهارات صحيحة ، إذ الداعي حينئذ في الحقيقة هو الأمر النفسيّ العباديّ المتعلّق بالغاية ، فما لم يقصد لا تتصف المقدّمة بكونها عبادة.
وأما قصد الأمر الغيري الداعي إلى متعلّقه ، فهو تبعيّ توصليّ ، وليس مناطا للعباديّة ، فجعله مناطا لها لا يخلو عن مسامحة ، إذ الأمر الغيري بعنوان كونه غيريّا لا يدعو إلّا إلى متعلّقه وهو المقدّمة ، كما أنّ الأمر النفسيّ لا يدعو إلّا إلى متعلّقه ، فالمقوّم لعباديّة المقدّمة هو قصد التوصّل إلى ذي المقدّمة وإن لم يقصد الأمر الغيري.
(١) أي : الطهارات ، وهي المرجع للضمائر من قوله : ـ ولو لم يؤت بها ـ إلى قوله : ـ وقوعها ـ.
(٢) لعدم ارتباط الأمر الاستحبابي النّفسي الموجب لعباديّتها بغاياتها حتى يكون لقصد التوصّل إلى الغايات دخل في امتثال الأمر الاستحبابي النفسيّ.
__________________
(*) يعني : بما أنّه مشير إلى الأمر النفسيّ المتعلّق بالغاية ، وإلّا فليس الأمر الغيري مصحّحا للعباديّة ، لكونه توصّليّا ، كما تقدم سابقا. وقوله : ـ لكان قصد الغاية ... إلخ ـ قرينة على أنّ قصد الأمر الغيري للإشارة إلى قصد الغاية ، لا لموضوعيّته ، لأنّه لا يدعو إلّا إلى موضوعه وهو المقدّمة ، والمفروض أنّها بنفسها ليست عبادة ، فالمصحّح لعباديّتها هو قصد نفس الغاية ، أو أمرها.