ممّا لا بدّ منه في وقوعها صحيحة ، فإنّ (١) الأمر الغيري لا يكاد يمتثل إلّا إذا قصد التوصّل إلى الغير ، حيث لا يكاد يصير داعيا إلّا مع هذا القصد (٢) ، بل (٣) في الحقيقة يكون هو الملاك لوقوع المقدّمة عبادة ولو لم يقصد أمرها ، بل ولو لم نقل بتعلّق الطلب بها (٤) أصلا.
وهذا (٥) هو السّر في اعتبار قصد التوصّل في وقوع المقدّمة عبادة.
______________________________________________________
(١) تعليل لاعتبار قصد الغاية في وقوع الطهارات صحيحة ، ومحصله : أنّ عباديّة الطهارات لمّا كانت بسبب أمرها الغيري ، فلا بد في وقوعها عبادة صحيحة من قصد التوصّل إلى الغاية المشروطة بالطهارة كالصلاة ، فإنّ امتثال الأمر الغيري منوط بقصد تلك الغاية ، لأنّ الأمر الغيريّ لمّا كان تابعا للأمر النفسيّ ، لتولّده منه ، فامتثاله أيضا تابع لامتثاله ، فالوضوء بقصد التوصّل به إلى الصلاة يكون امتثالا للأمر الغيري المحقّق لعباديّة الوضوء ، وبدون هذا القصد لا يتحقّق امتثال للأمر الغيري.
وبالجملة : فعلى القول بكون عباديّة الطهارات لأجل الأمر الغيري لا محيص عن قصد الغاية ، لتوقّف امتثال الأمر الغيري عليه.
(٢) يعني : قصد التوصّل إلى الغير ، أعني : الغاية المشروطة بالطهارة ، فداعويّة الأمر الغيري منوطة بهذا القصد ، لأنّها قضية تبعيّة الأمر الغيري للنفسي ، فإنّ مقتضى تبعيّته له هو أن يكون في مقام الامتثال أيضا كذلك ، فامتثال الأمر الغيري منوط بقصد امتثال الأمر النفسيّ.
(٣) غرضه : الإضراب عن إناطة العباديّة بقصد امتثال الأمر الغيري ، ودعوى :
كون الملاك في عباديّة الطهارات هو قصد التوصّل بها إلى الغايات من الصلاة ، والطواف ، وغيرهما وإن لم يقصد الأمر الغيري المتعلّق بالطهارات ، بل وإن لم نقل بتعلّق الأمر الغيري بها ، فضمير ـ يكون ـ راجع إلى قصد التوصّل.
(٤) هذا الضمير وضمير ـ أمرها ـ راجعان إلى الطهارات.
(٥) يعني : وكون التوصّل إلى الغير ملاك عباديّة الطهارات هو السّر في