من الاستدلالات ، وهو ما ذكره أبو الحسن البصري (١) (*) ، وهو (٢) : «أنّه
______________________________________________________
(١) والفخر الرازي ، واستدلّ به العلامة (قده) في محكي التهذيب ، والنهاية ، وقرّره في المعالم.
(٢) هذا الضمير وما قبله راجعان إلى الاستدلال الّذي هو كالأصل.
ومحصل هذا الدليل : أنّه لو لم تجب المقدّمة لجاز تركها ، ضرورة أنّ عدم وجوبها يستلزم جواز تركها ، وبعد فرض جواز الترك فإن لم يبق ذو المقدّمة على وجوبه لزم خروج الواجب النفسيّ المطلق عن وجوبه. وإن بقي على وجوبه لزم التكليف بما لا يطاق ، بداهة أنّ ترك المقدّمة المفروض جوازه يوجب امتناع وجود الواجب في الخارج ، فالتكليف بإيجاد ذي المقدّمة يصير حينئذ من التكليف بغير مقدور ، وهو قبيح على العاقل فضلا على الحكيم.
والحاصل : أنّه يلزم من جواز ترك المقدّمة أحد محذورين : إمّا التكليف بما لا يطاق لو بقي ذو المقدّمة على وجوبه. وإمّا الخلف لو خرج عن وجوبه.
أمّا الأوّل ، فواضح.
وأمّا الثاني ، فلأنّ المفروض إطلاق وجوب الواجب بالنسبة إلى مقدّمته ، وعدم اشتراط وجوبه بوجودها ، ففرض عدم وجوبه حين ترك مقدّمته يرجع إلى
__________________
(*) قال في الكنى والألقاب ص ٤٥ : «أبو الحسن الأشعري عليّ بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن موسى الأشعري ، تقدّم ذكر جدّه أبي بردة. ويأتي ذكر أبي موسى بعد ذلك ، كان مولده بالبصرة ومنشؤه ببغداد وهو إمام الأشاعرة ، وإليه تنسب الطائفة الأشعريّة توفي سنة ٣٣٤ ، ودفن بين الكرخ وباب البصرة. قال ابن شحنة في روضة الناظر : في سنة ٣٢٩ توفّي أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعري ، ودفن ببغداد بشرعة الزوايا ، ثم طمس قبره خوفا أن تنبشه الحنابلة ، فإنّهم كانوا يعتقدون كفره ، ويبيحون دمه ، وذكر : أنّ أبا علي الجبّائي كان زوج أمّه».