لا محالة يكون من جملتها (١) ما يجب معه صدور الحرام ، لكنّه (٢) لا يلزم أن يكون ذلك (٣) من المقدّمات الاختياريّة ، بل من المقدّمات الغير الاختياريّة ، كمبادئ الاختيار الّتي لا تكون بالاختيار ، وإلّا لتسلسل ، فلا تغفل وتأمّل (*).
______________________________________________________
فتلخص : أنّ الفعل لا يوجد إلّا بالعلّة ، ولا إشكال في امتناع وجود الممكن بلا علّة. غاية الأمر : أنّ العلّة تارة تكون ممّا يصح تعلّق الحكم الشرعي به ، كما إذا كانت اختياريّة. وأخرى لا تكون كذلك ، كما إذا لم تكن اختياريّة ، كالإرادة.
وعلى هذا يمكن أن لا تكون للحرام أو المكروه مقدّمة اختياريّة ، بأن كانت علّة وجودهما غير اختياريّة ، كالإرادة ، ومن المعلوم : أنّ ما لا يكون بالاختيار يمتنع أن يكون موضوعا للتكليف حرمة أو كراهة أو غيرهما ، تعيينا أو تخييرا.
لكن قد تقدّم في محلّه : منع كون الإرادة غير اختياريّة.
(١) أي : من جملة المقدّمات.
(٢) الضمير للشأن.
(٣) أي : ما يجب معه صدور الحرام ، يعني : لا يلزم أن يكون العلّة التامّة للحرام من المقدّمات الاختياريّة ، بل يمكن أن تكون من غير الاختياريّة ، كالإرادة.
__________________
(*) تتمة : اعلم : أنّ المحقق النائيني (قده) قسّم المقدّمة المحرّمة إلى ثلاثة أقسام :
الأوّل : ترتّب الحرام على المقدّمة قهرا من دون إرادة واختيار للفاعل ، كالإحراق المترتّب على الإلقاء في النار ، وغيره من العلل والمعلولات. وحرمة المقدّمة في هذا القسم نفسيّة لا غيريّة ، لأنّ المقدور المتعلّق للحكم هو المقدّمة دون ذيها.
الثاني : أن يتوسّط بين المقدّمة وذيها اختيار وإرادة للفاعل ، بحيث يقدر على ارتكاب الحرام بعد فعل المقدّمة ، كقدرته عليه قبل فعلها ، لكن يأتي بالمقدّمة بقصد التوصّل بها إلى الحرام. والحكم في هذه الصورة هو : حرمة المقدّمة مردّدة