الثاني (١) : أنّ الجهة المبحوث عنها في المسألة وإن كانت أنّه هل يكون للأمر اقتضاء بنحو من الأنحاء المذكورة ، إلّا أنّه (٢) لمّا كان عمدة القائلين بالاقتضاء
______________________________________________________
(١) الغرض من عقد هذا الأمر دفع شبهة ، وهي : أن جلّ القائلين بالاقتضاء في الضد الخاصّ ـ كاقتضاء الأمر بالصلاة للنهي عن إزالة النجاسة مثلا ـ استندوا في هذا الاقتضاء إلى مقدّميّة ترك أحد الضّدّين لوجود الآخر ، فلا بد أوّلا من بيان الشبهة ، وثانيا من تقريب دفعها.
أمّا الشبهة ، فمنشؤها أمران :
أحدهما : أنّ كلّا من الضدّين مانع عن وجود الآخر بلا إشكال ، فإنّ السواد يمنع عن وجود البياض بداهة ، بحيث لا يجتمعان في الوجود.
ثانيهما : كون عدم المانع من أجزاء العلّة الّتي هي مقدّمة على المعلول ، فعدم أحد الضدّين ـ لكونه مانعا عن وجود الضّدّ الآخر ـ مقدم رتبة على وجود الضّدّ الآخر ، لكونه من أجزاء علّته. وهذان الأمران أوجبا توهّم مقدّميّة عدم أحد الضدّين لوجود الضّد الآخر ، فذهب جلّهم إلى الاقتضاء ، لأجل المقدّميّة ، والمصنّف عقد هذا الأمر لدفع هذه الشبهة.
(٢) الضمير للشأن.
__________________
الضدّين بحسبه أمران وجوديّان ، وإذا أطلق الضّد فالمتبادر منه هو ما اصطلح عليه أهل المعقول ، ولا يراد غيره إلّا بالقرينة. ويطلق الضّد في المقام على أمور ثلاثة.
أحدها : النقيض المعبّر عنه تارة بالترك ، وأخرى بالضد العام.
ثانيها : كل واحد واحد من الأضداد الوجوديّة على نحو العام الاستغراقي كالأكل ، والشرب ، والنوم ، ونحوها ، فإنّ كلّ واحد منها ضدّ للمأمور به ، كالصلاة مثلا.
ثالثها : واحد من الأضداد الوجوديّة على البدل ، بأن يراد بالضدّ : الجامع بينها ، وهذان الأخيران هما المعبّر عنهما بالضدّ الخاصّ. والضّد بجميع هذه المعاني داخل في محل النزاع. وللضّد إطلاقات أخر يكون التعرّض لها منافيا لوضع التعليقة ، من أراد الوقوف عليها فليراجع مظانّها.