ومن الواضحات : أنّ عدم المانع (١) من المقدّمات (٢).
وهو (٣) توهّم فاسد ، وذلك (٤) لأنّ (*) المعاندة والمنافرة بين الشيئين ،
______________________________________________________
(١) هذا إشارة إلى ثاني الأمرين المزبورين ، وقد مرّ تقريبه بقولنا : «ثانيهما : كون عدم المانع من أجزاء العلّة ... إلخ».
(٢) أي : من مقدّمات وجود الممنوع ، وهو الضّدّ الآخر.
وبالجملة : فمنشأ توهم مقدّميّة ترك أحد الضدّين لوجود الآخر أمران :
أحدهما : التمانع بين الضدّين في الوجود ، كالسواد والبياض.
ثانيهما : كون عدم المانع من مقدّمات وجود الممنوع.
(٣) أي : وتوهم مقدّميّة ترك الضّد توهّم فاسد.
(٤) هذا تقريب فساد التوهم المذكور ، وهو : مقدّميّة ترك أحد الضدين لوجود الضدّ الآخر.
وتوضيح تقريب الفساد : أنّ المعاندة بين شيئين تتصور على وجوه :
أحدها : الضدّية بينهما ، كالسواد والبياض ، وهي تقتضي عدم إمكان اجتماعهما في زمان واحد ومحل كذلك ، ولا تقتضي مقدّميّة عدم أحدهما لوجود الآخر.
وعلى هذا ، فيكون وجود السواد في مرتبة وجود البياض ، فلا بدّ أن يكون عدم السواد أيضا في مرتبة وجود البياض ، حفظا لمرتبة النقيضين ، وهما : وجود السواد وعدمه ، وإلّا يلزم اختلاف المتناقضين في الرتبة.
وعليه : فوجود الضدين كعدمهما في رتبة واحدة ، كوجود أحدهما وعدم الآخر ، ومع اتّحاد رتبة عدم أحد الضدّين مع وجود الآخر لا يعقل مانعيّته لوجود الآخر ، حتى يكون عدمه من عدم المانع الّذي هو من أجزاء علّة وجود الممنوع. ووجه عدم المعقوليّة : اتحاد الرتبة كما عرفت ، وهو خلاف ما يقتضيه عدم المانع من التقدّم
__________________
(*) هذا أحد الإيرادات الأربعة الّتي أوردها المحقّق صاحب الحاشية على توهّم المقدّمية.