نعم (١) العلّة التامّة لأحد الضّدّين ربّما تكون مانعا عن الآخر ، ومزاحما
______________________________________________________
(١) هذا استدراك على ما تقدم : من كون عدم أحد الضّدين دائما مستندا إلى عدم مقتضية ، لا إلى وجود المانع وهو الضّدّ الآخر.
وحاصل الاستدراك : أنّه قد يتّفق أن يكون عدم أحد الضدّين مستندا إلى وجود المانع ، وهو الضّد الآخر ، كما إذا كان المقتضي لكلّ واحد من الضّدّين موجودا ، وكان مقتضي أحدهما أقوى من مقتضي الآخر ، فإنّ الأقوى يؤثّر في مقتضاه ، فيوجد ، ويعدم الآخر ، فلا محالة يستند حينئذ عدم الآخر إلى المانع ، وهو علّة وجود الضدّ الآخر ، لا إلى عدم مقتضية ، إذ المفروض وجوده. كالمثال المذكور في المتن ، فإنّ المقتضي لإنقاذ الأخ ـ وهو الشّفقة ـ موجود ، فعدمه لا محالة يستند إلى المانع ، وهو زيادة الشفقة على الولد ، فليس عدم الضّد دائما مستندا إلى عدم المقتضي ، بل قد يستند إلى وجود المانع ، وهو علّة وجود الضّد الآخر.
__________________
فبطلان الصلاة مثلا يستند إلى فقدان الشرط ـ وهو الاستقبال ـ لا إلى وجود المانع ـ وهو الاستدبار ـ ، فلا أثر لجعل المانعيّة للاستدبار أصلا. وبناء على عدم المانعيّة ، وعدم كون عدم أحد الضدّين مقدّمة لوجود الآخر ، لكون الضّدّين في رتبة واحدة ، لا مانع من جعل كلّ من الشرطيّة والمانعيّة ، إذ ليس عدم أحدهما مقدّمة لوجود الآخر ليكون وجوده مانعا مصطلحا ، وعدمه عدم المانع كذلك ، حتى يجري فيه حديث تقدّم الشرط رتبة على المانع ، ويلزم لغويّة أو امتناع جعل المانعيّة للضد الآخر ، بل لمّا كانا في رتبة واحدة جاز جعل الشرطيّة لأحدهما. والمانعيّة للآخر ، فيستند الأثر إليهما معا ، كالطهارة والحدث ونحوهما ممّا اعتبر في أجزاء المركّب والأكوان المتخلّلة بينها.
أو إلى المانع فقط ، كما إذا فرض كون الاستقبال شرطا في خصوص الأجزاء ، والاستدبار مانعا مطلقا حتى في حال السكوتات ، فالبطلان يستند إلى الاستدبار إذا وقع في غير الأجزاء ، وإذا وقع فيها يستند إلى فقدان الشرط ووجود المانع معا.