فصل
لا يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه (١)
خلافا لما نسب إلى أكثر مخالفينا (٢) ، ضرورة (٣) أنّه لا يكاد يكون
______________________________________________________
أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه
(١) مراد المصنّف (قده) بمرجع هذا الضمير هو ـ الأمر ـ ، بقرينة الاستدراك الآتي في كلامه.
ومحصل مرامه حينئذ : أنّه هل يجوز عقلا أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرط الأمر ـ أي الوجوب ـ كما إذا كان وجوب الحج مشروطا بالاستطاعة ، وعلم الآمر بعدم تحقّقها ، أم لا يجوز؟ ، فليس له أن يأمر غير المستطيع بالحج.
ولا بدّ من القول بعدم الجواز ، لأنّ المراد بالأمر هو البعث الفعليّ إلى متعلّقه ، ومن المعلوم : أنّ فعليّة البعث منوطة بعلّتها التامّة الّتي من أجزائها الشرط ، فمع العلم بانتفائه لا يتحقّق إنشاء البعث الفعلي ، فالقصور من ناحية المقتضي ـ وهو العلّة ـ إذ القول بالجواز حينئذ مساوق لجواز وجود المعلول بلا علّة ، وهو كما ترى.
(٢) لكن عن جماعة منهم : «الاتّفاق على عدم الجواز».
(٣) تعليل لقوله : «لا يجوز» ، وقد عرفت توضيحه ، ومحصله : أنّ القول
__________________
أحدهما : وجود خطابين نفسيّين مع اشتمالهما على ملاك تامّ ، فلو كان الملاك في أحدهما دون الآخر ، كاعتبار القدرة الشرعية في أحدهما لخرجا عن الترتب المقصود.
ثانيها : أن لا يكون ترك الأهم مثلا عين وجود متعلق المهم ، كما في الجهر والإخفات ، والحركة والسكون ، ونحوهما من الضدّين اللّذين لا ثالث لهما.
وإلى ذلك يرجع ما قيل : من اعتبار القدرة في متعلّق المهم حين ترك الأهم ، حيث إنّ مقتضى القدرة إمكان ترك متعلّقهما ، وليس كذلك الضّدّان اللّذان لا ثالث لهما إذا ترك أحدهما ـ كالأهم في المقام ـ ، لامتناع ترك الآخر حينئذ ، فهو غير مقدور له.