وفي وقوعه (١) في الشرعيات والعرفيات غنيّ وكفاية ، ولا تحتاج معه (٢) إلى مزيد بيان ، أو مئونة برهان (٣).
وقد عرفت (٤) سابقا : أنّ داعي إنشاء الطلب لا ينحصر بالبعث والتحريك جدّاً حقيقة ، بل قد يكون صوريّا امتحانا ، وربما يكون غير ذلك (٥).
ومنع (٦) كونه أمرا إذا لم يكن بداعي البعث جدّاً واقعا وإن كان في محله ،
______________________________________________________
(١) أي : الأمر الإنشائيّ غير البالغ إلى مرتبة الفعليّة ، لفقدان شرط فعليّته.
ثم إنّ وقوع الأمر الإنشائيّ في الشرعيّات ، كالأحكام الواقعيّة في موارد الطرق ، والأمارات ، والأصول القائمة على خلافها الّتي لا تصير فعليّة إلّا بحضور الإمام عليهالسلام ، أو بقيام الحجّة على طبقها ، وكغالب الأحكام الصادرة في أوّل البعثة الّتي كانت إنشائيّة ، ثم صارت فعليّة بالتدريج يغنينا عن إقامة الدليل على إمكانه ، لأنّ الوقوع أقوى شاهد على الإمكان ، كما هو واضح ، ومعه لا حاجة إلى إقامة برهان.
(٢) أي : مع وقوع الأمر الإنشائيّ في الشرعيّات.
(٣) على إمكان الأمر الإنشائيّ.
(٤) أي : في المبحث الأوّل من مباحث الفصل الثاني من الفصول المتعلّقة بصيغة الأمر.
وغرضه من هذه العبارة : أنّ الأمر يستعمل دائما في الطلب الإنشائيّ والاختلاف إنّما يكون في دواعي الإنشاء ، فتارة يكون الداعي إلى ذلك الطلب الحقيقي الجدّي ، وأخرى امتحان العبد ، وثالثة التسخير ، ورابعة التعجيز ، إلى غير ذلك من دواعي الإنشاء.
(٥) كالتسخير ، والتعجيز ، كما عرفت.
(٦) هذا إشارة إلى ما يمكن أن يتوهّم في المقام : من الإشكال على تحرير محلّ النزاع على الوجه المزبور ، وهو : جعل الأمر إنشائيّا.
وحاصل التوهم : أنّ الأمر المنشأ بغير داعي البعث الجدّي ليس أمرا حقيقة ، فلا ينبغي جعل عنوان البحث في قولهم : «هل يجوز أمر الآمر ... إلخ» الأمر المنشأ بغير داعي البعث الجدّي.