واحد من الأحكام مع الآخر عقلا وعرفا من المباينات والمتضادات غير الوجوب والاستحباب ، فإنّه (١) وإن كان بينهما التفاوت بالمرتبة ، والشدة والضعف عقلا ، إلّا أنّهما متباينان عرفا ، فلا مجال للاستصحاب إذا شكّ في تبدّل أحدهما بالآخر ، فإنّ حكم العرف ونظره يكون متّبعا في هذا الباب (٢).
فصل
إذا تعلّق الأمر بأحد الشيئين أو الأشياء ، ففي وجوب كلّ واحد على التخيير ، بمعنى (٣) : عدم جواز تركه إلّا إلى بدل ، أو وجوب الواحد لا بعينه (٤) ،
______________________________________________________
(١) الضمير للشأن ، وغرضه : أنّ التضاد عقلا وعرفا مختص بغير الوجوب والاستحباب. وأمّا هما ، فتضادّهما يكون بنظر العرف فقط ، وأمّا بنظر العقل فلا تضاد بينهما ، وإنّما هما متفاوتان بالمرتبة ، وأنّ الوجوب هو المرتبة الشديدة من الطلب ، والاستحباب مرتبة ضعيفة منه. لكن لمّا كانا بنظر العرف متضادّين ، فلا مجال لجريان الاستصحاب فيه ، ضرورة أنّ صدق الشك في البقاء منوط بنظر العرف.
(٢) أي : الاستصحاب.
الوجوب التخييري
(٣) هذا تفسير للوجوب التخييري ، وحاصله : أنّ عدم جواز الترك مطلقا ولو مع البدل هو الوجوب التعييني كالصلوات اليوميّة ، فإنّه لا يجوز تركها مطلقا ولو مع الإتيان بغيرها. وعدم جواز الترك إلّا إلى بدل هو الوجوب التخييري كخصال الكفّارة ، فإنّ عدم جواز ترك كل واحد من الأبدال مقيّد بعدم الإتيان بالآخر ، وإلّا فيجوز الترك ، وهذا سنخ من الوجوب.
(٤) الفرق بين هذا وسابقه : أنّ الواجب على الأوّل : كلّ واحد من الأبدال