ولا يذهب عليك (١) : أن الموسّع كلّيّ كما كان له أفراد دفعيّة (٢)
______________________________________________________
(١) هذا تمهيد لدفع توهّم كون التخيير بين أفراد الواجب الموسّع شرعيّا.
تقريب التوهم : أنّه لمّا امتنع تطبيق الواجب على الزمان الموسّع ، لأوسعيّته من الواجب ، فلا محالة يكون تقييد الواجب به عبارة عن تقييده بكلّ جزء من أجزاء ذلك الزمان على البدل ، فيراد من قوله : «صل من الدلوك إلى الغروب» مثلا : صلّ في أوّله ، أو آخره ، أو وسطه. نظير قوله : «صلّ ، أو صم ، أو أعتق» ، فيكون التخيير بين أفراد الواجب الموسّع الطوليّة شرعيّا.
(٢) كالصلاة في أوّل الوقت في البيت ، أو المسجد ، أو الحسينيّة ، أو غيرها.
__________________
الصوم الّذي يكون وجوبه مشروطا بآن طلوع الفجر إذا فرض تقدّم الوجوب عليه لزم تقدّم المعلول والمشروط على العلّة والشرط ـ أعني آن الطّلوع ـ ، وهو محال ، إذ المفروض توقّف الوجوب على الطلوع ، وهذا التقدّم بديهي البطلان.
وإذا فرض تأخر الوجوب عن الطلوع لزم خلوّ آن من آنات النهار عن الصوم ، وهو خلف. ولزم تأخّر المعلول عن العلّة زمانا.
وإن شئت فقل : إنّه يلزم تأخّر الحكم عن موضوعه زمانا ، وقد قيل : إنّ الحكم بالنسبة إلى موضوعه كالمعلول بالنسبة إلى علّته في اتحادهما زمانا واختلافهما رتبة ، فإذا تمّ الموضوع ترتّب عليه الحكم بلا مهلة ، وإن لم يترتّب عليه لم يكن ذلك بموضوع ، وهذا خلف.
ويندفع هذا الإشكال ب : عدم لزوم شيء من هذين المحذورين ، وذلك لاتحاد زمان الوجوب والواجب والانبعاث ، فآن الطلوع زمان البعث والانبعاث والواجب وهو واحد ، وتأخّر الانبعاث عن البعث رتبيّ ، لا زماني. نعم يتوقّف الانبعاث على العلم بالبعث قبل الطلوع ، وهو غير تأخّر الانبعاث زمانا عن صدور البعث من المولى.
والحاصل : أنّه لا بدّ في انبعاث المكلّف عن بعث المولى من علمه قبل الطلوع بوجوب الصوم حين الطلوع حتى يتمكّن من الانبعاث فيه.