كلّ منهما غير متعلّق الآخر ، كما لا يخفى. والمنساق (١) من إطلاق الهيئة وإن كان هو تأسيس الطلب لا تأكيده ، إلّا (٢) أنّ الظاهر هو انسباق التأكيد عنها فيما كانت مسبوقة بمثلها ولم يذكر هناك سبب ، أو ذكر سبب واحد (٣) (*).
______________________________________________________
رقبة مرّة أخرى» ، فإنّ كلمة «مرة أخرى» توجب مغايرة متعلّق الأمر الثاني لمتعلّق الأمر الأوّل ، لأنّ متعلّق الأوّل : الوجود الأوّل ، ومتعلّق الثاني : الوجود الثاني ، ومن المعلوم : تغاير المتعلقين حينئذ.
(١) غرضه : بيان ما ينافي إطلاق المادّة الظاهر في التأكيد.
توضيح وجه المنافاة : أنّ إطلاق الهيئة ظاهر في التأسيس ، لكشفه عن إرادة أخرى غير الإرادة المنكشفة بالأمر الأوّل. ومقتضى التأسيس : امتثال آخر غير امتثال الأمر الأوّل ، فيكون إطلاق الهيئة مخالفا لإطلاق المادّة ، لظهور الأوّل في التأسيس ، والثاني في التأكيد.
(٢) غرضه : دفع التنافي بين إطلاقي الهيئة والمادة ، بقيام قرينة نوعيّة على التأكيد ، بحيث توجب رفع اليد عن إطلاق الهيئة.
بيانه : أنّه إذا كان الأمر مسبوقا بمثله ، ولم يذكر سبب أصلا ، كما إذا ورد : «أعتق رقبة» ، ثم ورد أيضا : «أعتق رقبة» ، أو ذكر سبب واحد لهما معا ، كقوله : «إن أفطرت فأعتق رقبة ، وإن أفطرت ، فأعتق رقبة» ، ففي هاتين الصورتين يكون الأمر الثاني مؤكّدا للأوّل ، إذ لو حمل على التأسيس لزم التصرف في اللّفظ بتقييد المادّة في الثاني بما يوجب تكثّرها ، لتغاير المادّة في الأمر الأوّل.
بخلاف ما إذا حمل على التأكيد ، إذ لا حاجة حينئذ إلى تصرّف في اللّفظ أصلا.
(٣) يعني : في كليهما ، كأن يقول : «إذا أفطرت فأعتق رقبة ، وإذا أفطرت فأعتق رقبة» ، كما مرّ آنفا.
__________________
(*) وأمّا إن ذكر سبب لأحدهما دون الآخر ، حمل على التأسيس ، ووجب التكرار ، كأن يقول : «أعتق رقبة» ثم يقول : «إذا أفطرت فأعتق رقبة».