الحكم الواقعي بمرتبة (١) محفوظ فيها ، فإنّ الحكم المشترك بين العالم والجاهل ، والملتفت والغافل ليس إلّا الحكم الإنشائيّ (٢) المدلول عليه بالخطابات المشتملة
______________________________________________________
تداركه.
وأمّا التصويب ، فهو عبارة عن خلوِّ الواقعة عن الحكم ، وانحصار حكمها في مؤدى الأمارة ، ومن المعلوم : أنّ التصويب بهذا المعني يضادّ الإجزاء الّذي هو فرع الثبوت ، إذ لا معنى لسقوط التكليف بدون ثبوته ، فالإجزاء يقتضي ثبوت التكليف ، والتّصويب يقتضي عدمه ، وعلى هذا فكيف يكون الاجزاء لازماً مساوياً للتصويب كما قيل؟
غاية الأمر أنّ الحكم الواقعي المشترك بين الكل يصير فعليّاً مع إصابة الأمارة ، ويبقى على إنشائيته مع خطائها إلى أن ينكشف الخلاف ، وحينئذٍ ان كان مؤدي الأمارة وافياً بتمام المصلحة ، أو بجلّها ـ مع عدم إمكان تدارك الباقي ـ لا يصير الحكم الواقعي فعليّاً ، بل يسقط ، وإن لم يكن مؤدى الأمارة كذلك لم يسقط بل يصير فعلياً ، ولذا يجب الإعادة أو القضاء.
(١) وهي الإنشائية ، ومرجع ضمير ـ فيها ـ هو موارد الأصول والطرق والأمارات.
(٢) يعني : أنّ الحكم الواقعي المشترك بين الكل ليس فعليّاً حتى يقال بلزوم التصويب ، إذ المفروض فعليّة مؤدى الأمارات والأُصول قطعاً دون حكم آخر ، وإلّا لزم اجتماع حكمين فعليّين على موضوع واحد ، وهو محال ، فينحصر حكم الواقعة في مؤدّى الأمارة أو الأصل ، وهو عين التصويب.
بل الحكم الواقعي المشترك بين الكل إنشائي ، وهو قد يصير فعلياً ، وقد يبقى على إنشائيته ، فلا يخلو الواقع عن الحكم حتى يلزم التصويب ، غاية الأمر أنّه حكم إنشائي ، وفعليّته منوطة بإصابة الأمارة له.