فلا مجال حينئذ (١) لملاحظة مرجحات الروايات أصلا (٢) بل لا بد من ملاحظة مرجحات المقتضيات المتزاحمات كما يأتي الإشارة إليها (٣). نعم (٤) لو كان كل منهما متكفلا للحكم الفعلي (*) لوقع بينهما التعارض
______________________________________________________
المناط في كلا العنوانين. والوجه في ذلك : أن مقتضى حجية الروايتين معاً حكايتهما عن وجود المناط في كليهما ، لكشف الحكمين اللذين هما مدلولا الروايتين المعتبرتين عن مناطين ، فيقع التزاحم بينهما لا محالة بناء على الامتناع.
(١) أي : حين احتمال وجود المناط في كلا المتعلقين. وذلك لاختصاص أدلة مرجحات الروايات بباب التعارض ، وعدم شمولها لباب التزاحم.
(٢) يعني : لا المرجحات السندية ولا الدلالية ، بل لا بد من إعمال مرجحات باب التزاحم الراجعة إلى الترجيح الملاكي.
(٣) في الأمر الآتي.
(٤) استدراك على ما ذكره من إعمال مرجحات التزاحم ، وحاصله : أنه قد يعامل مع المتزاحمين معاملة التعارض ، وهو فيما إذا كانت الروايتان ظاهرتين في الحكم الفعلي مطلقاً حتى في حال الاجتماع ، فانه بناء على الامتناع يمتنع فعلية الحكمين على طبق مناطيهما ، فلا بد من فعلية أحدهما في مورد الاجتماع
__________________
(*) لا يخفى أن أدلة الأحكام الشرعية لا تدل إلّا على ثبوت الأحكام لموضوعاتها ، وفعليتها منوطة بوجود موضوعاتها خارجاً ، كما هو شأن القضايا الحقيقة التي منها القضايا الشرعية ، فان مثل قوله تعالى : «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» لا يدل على فعلية وجوب الحج على المستطيع أصلا ، لإناطتها بوجود المستطيع خارجاً ، ومن المعلوم عدم دلالته على فعلية الموضوع ، ولا فعلية الحكم ، فتكفل الدليل للحكم الفعلي مجرد فرض لا وجود له خارجاً الا في القضايا الخارجية.