الدليل ، ولا دليل هاهنا (١) الا السيرة وبناء العقلاء ، ولم يعلم استقرار بنائهم على ذلك (٢) ، فلا تغفل.
فصل
هل يجوز العمل بالعامّ قبل الفحص عن المخصص (*) فيه خلاف ،
______________________________________________________
وهي أصالة العموم وان كانت من الأمارات التي تكون حجة في المداليل الالتزامية ، إلّا أن مقدار حجيتها تابع لدلالة دليل اعتبارها ، ومن المعلوم أن دليل الاعتبار ان كان مطلقاً اقتضى الحجية على اللازم مطلقاً ، وان كان مهملا ـ كما في المقام ، حيث ان دليل اعتبار أصالة العموم وهو بناء العقلاء وسيرتهم لُبّي ـ فلا بد من الأخذ بالمتيقن ، وهو اعتبارها بالنسبة إلى أصل القضية أعني «أكرم العلماء» الّذي هو بمعنى «كل عالم يجب إكرامه» ، إذ لم يثبت بناء منهم على اعتبارها بالنسبة إلى عكس نقيض القضية وهو «كل من لا يجب إكرامه ليس بعالم» حتى يحكم بأن زيداً الّذي لا يجب إكرامه ليس بعالم. وعليه ، فلا بد من الرجوع في عكس النقيض إلى أصالة عدم الحجية.
(١) أي : في أصالة العموم ، أو أصالة عدم التخصيص.
(٢) أي : على إحراز أن ما شك في فرديته للعام ليس فرداً له ، بل استقر بناؤهم فقط على إحراز حكم العام لما علم كونه فرداً له وشك في خروجه عن حكمه بالتخصيص ، فيرجعون فيه إلى أصالة عدم التخصيص.
__________________
(*) حكي «أن أول من عنون المسألة أبو العباس بن سريح المتوفى في أوائل المائة الرابعة من الهجرة ، وكان هو يقول بعدم الجواز ، واستشكل عليه تلميذه أبو بكر الصيرفي بأنه لو لم يجز ذلك لما جاز التمسك بأصالة الحقيقة أيضا قبل الفحص عن قرينة المجاز».