النسخ (١) ، فاعلم : أن النسخ وان كان رفع الحكم الثابت إثباتاً (٢) ، إلّا أنه في الحقيقة دفع الحكم ثبوتاً (٣) ، وانما اقتضت الحكمة إظهار دوام الحكم واستمراره (٤)
______________________________________________________
(النسخ)
(١) الغرض الداعي إلى تعرضه لمعنى النسخ هو التنبيه على خطاء ما اشتهر بينهم من اشتراط النسخ بحضور وقت العمل بالحكم المنسوخ. وتوضيح ما أفاده المصنف : أن النسخ وان كان رفعاً للاستمرار الّذي اقتضاه إطلاق دليل الحكم في مقام الإثبات ، لكنه في الحقيقة دفع الحكم ثبوتاً ، لعدم المقتضي لاستمراره ، إذ مع وجود المقتضي له لم يكن وجه لرفعه ، فالناسخ كاشف عن عدم المقتضي لبقاء الحكم ودوامه.
(٢) قيد للرفع ، يعني : أن النسخ وان كان رفع الحكم الواقعي الأولي أو الثانوي في مقام الإثبات ، لكنه في الحقيقة دفع له ، لكشفه عن عدم المقتضي لثبوته.
(٣) لما تقدم من كونه في الحقيقة كاشفاً عن عدم المقتضي واقعاً لاستمراره ، فالنسخ دافع للحكم لا رافع له. وضمير «أنه» راجع إلى النسخ.
(٤) إشارة إلى توهم ، وهو : أنه مع عدم المقتضي لتعلق الإرادة الجدية باستمرار الحكم أو بأصل إنشائه ، فما فائدة أمر النبي أو الولي صلوات الله عليهما بإظهار الدوام لو كان النسخ بعد حضور وقت العمل ، أو إظهار أصل إنشائه لو كان النسخ قبل حضور وقت العمل. وأشار إلى دفع التوهم المزبور بأن المقتضي لإظهار إنشاء الحكم أو دوامه موجود ، فيكون أمر النبي أو الولي صلوات الله عليهما بإظهار أصل إنشاء الحكم ، أو دوامه مع الحكمة والفائدة المقتضية له.