إحداها (١) : أنه لا ريب في أن الأحكام الخمسة متضادة في مقام فعليتها ، وبلوغها (٢) إلى مرتبة البعث والزجر ، ضرورة (٣) ثبوت المنافاة والمعاندة التامة بين البعث نحو واحد (٤) في زمان والزجر عنه في ذلك الزمان (٥)
______________________________________________________
تضاد الأحكام الخمسة
(١) غرضه من تمهيد هذه المقدمة إثبات التضاد بين الأحكام الخمسة ، وأن البناء على اجتماع اثنين منها في فعل واحد مساوق لجواز اجتماع الضدين ، ومن المعلوم أنه في الاستحالة كاجتماع النقيضين.
وحاصل ما أفاده : أن التضاد بين الأحكام ليس في جميع المراتب من الاقتضاء والإنشاء وغيرهما ، بل في خصوص مرتبة فعليتها ، إذ البعث والزجر الفعليان المترتبان على انقداح الإرادة والكراهة متضادان ، ضرورة امتناع تعلق الإرادة بإيجاد شيء والزجر عنه في آن واحد ، فان مقتضى البعث والزجر الفعليين ـ وهو الفعل والترك ـ متناقضان ، فنفس البعث والزجر المقتضيين لهما أيضا متنافيان ، ويستحيل اجتماعهما. لا أنهما يكونان من التكليف بغير المقدور حتى يندرجا في التكليف بالمحال الّذي هو جائز عند الأشاعرة.
والحاصل : أن التضاد انما هو في مقام الفعلية دون الاقتضاء والإنشاء ، إذ لا مانع من كون شيء ذا مصلحة من جهة وذا مفسدة من أخرى. وكذا لا مانع من إنشاء حكم بمجرد وجود مقتضية ولو مع اقترانه بالمانع ، فان الإنشاءات المجردة عن الإرادة والكراهة لا تنافي بينها ، فتجتمع كاجتماع مقتضياتها.
(٢) أي : بلوغ الأحكام ، وهو معطوف على «فعليتها» ومفسر لها.
(٣) تعليل للتضاد بين الأحكام الفعلية ، وقد مر توضيحه آنفاً.
(٤) أي : شيء واحد.
(٥) أي : زمان البعث.