المملح ، فقد ذهب بعض المفسّرين إلى تفسير العبارة المذكورة في الآية بأنّه يجوز «للمقيمين» أن يطعموا السمك الطازج و «للمسافرين» السمك المملح.
ولا بدّ من التنبيه إلى أنّ حكم (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ) ليس حكما مطلقا وعاما في حلّية صيد البحر كافة كما يظن بعضهم ، وذلك لأنّ الآية ليست في معرض بيان أصل حكم صيد البحر ، بل هدف الآية هو أنّ تبيّن للمحرم أنّ صيد البحر (الذي كان حلالا قبل الإحرام له أن يطعمه في حال الإحرام أيضا) ، وبعبارة أخرى : لتبيّن الآية أصل تشريع القانون ، وإنّما تشير إلى خصائص قانون سبق تشريعه فليست الآية في معرض عمومية الحكم ، بل هي تبيّن حكم المحرم فحسب.
وللتوكيد تعود الآية إلى الحكم السابق مرّة أخرى وتقول : (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً).
ولتوكيد جميع الأحكام التي ذكرت ، تقول الآية في الخاتمة : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).
حكمة تحريم الصّيد حال الإحرام :
معلوم أنّ الحج والعمرة من العبادات التي تفصل الإنسان عن عالم المادة وتنقله إلى محيط مليء بالمعنويات ، فخصوصيات الحياة المادية ، والجدال الخصام ، والرغبات الجنسية ، واللذائذ المادية كلّها تنفصل عن الإنسان في مناسك الحج والعمرة ، ويبدأ الإنسان ضربا من الرياضة الإلهية المشروعة ، ويبدو أن تحريم صيد البرّ في حال الإحرام يرمي إلى الهدف نفسه.
ثمّ لو أحل الصيد لزائري بيت الله الحرام ، مع الأخذ بنظر الإعتبار كثرة الزوار وكثرة ترددهم في كلّ سنة على هذه الأرض المقدسة ، لقضي على وجود الكثير من الحيوانات القليلة أصلا في تلك الأرض القاحلة الخالية من الماء والزرع ،