لجاهل ، وهو فوض ومذموم في ميزان العقل.
تركيز القرآن في هذه الآية على كلمة «أكثر» يدل على أنّه كانت في ذلك المحيط الجاهلي المظلم فئة ـ وإن قلت ـ على قدر من الفهم بحيث تنظر بعين الاحتقار والاشمئزاز إلى تلك الممارسات.
وثن اسمه «الأسلاف» :
من الأمور التي كانت سائدة في الجاهلية والتي تكررت الإشارة إليها في القرآن التفاخر بالآباء والأجداد وإجلالهم إلى حدّ التقديس الأعمى وإتباع أفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم. وليس هذا مقصورا على الجاهلية الاولى ، فهو موجود بين كثير من الأقوام المعاصرة ، ولعلّه أحد أسباب اشاعة الخرافات وانتقالها من جيل إلى جيل ، وكان «الموت» يضفي هالة من القدسية والاحترام والإجلال على الأسلاف.
لا شك أنّ روح الاعتراف بالجميل ورعاية المبادئ الإنسانية توجب علينا احترام الماضين من آبائنا وأجدادنا ، ولكن لا أن نعتبرهم معصومين عن كل خطأ ومصونين عن كل نقد وتجريح لأفكارهم وسلوكهم فنتبع خرافاتهم ونقلدهم فيها تقليدا أعمى ، ليس هذا في الواقع سوى لون من ألوان الوثنية والمنطق الجاهلي ، إنّنا من الممكن أن نحترم أفكارهم وتقاليدهم المفيدة ، ونحطم في الوقت نفسه عاداتهم غير الصحيحة ، خاصّة وأن الأجيال الحديثة أوسع علما وأعمق معرفة من الأجيال السابقة بسبب مضي الزمن وتقدم العلم والتجربة ، وما من عقل رصين يجيز تقليد الماضين تقليدا أعمى.
ومن العجيب أن نرى بعض العلماء وأساتذة الجامعة يعيشون هذا اللون من التقديس الأعمى لعادات السلف ، فيبلغ بهم التعصب القومي إلى التمسك بعادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان متبعين بذلك منطق العرب في جاهليتهم الاولى.