الآيتان
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ(٢))
التّفسير
تبدأ السّورة بالحمد لله والثناء عليه ، ثمّ تشرع بتوعية الناس على مبدأ التوحيد ، عن طريق خلق العالم الكبير (السموات والأرض) أولا ، ثمّ عن طريق خلق العالم الصغير (الإنسان) ثانيا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) الله الذي هو مبدأ الظّلمة والنّور ، وبخلاف ما يعتقده الثنويون ، وهو وحده خالق كل شيء : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ).
غير أنّ الكافرين والمشركين ، بدلا من أن يتعلموا من هذا النظام الواحد درس التوحيد ، يصطنعون لله الشريك والشبيه : (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (١).
نلاحظ أنّ القرآن يذكر عقيدة المشركين بعد حرف العطف «ثم» الذي يدل في اللغة العربية على الترتيب والتراخي ، وهذا يدل على أن التوحيد كان في أوّل الأمر مبدأ فطريا وعقيدة عامّة للبشر ، بعد ذلك حصل الشرك كانحراف عن الأصل الفطري.
أمّا لماذا استعملت الآية كلمة «الخلق» بشأن السموات والأرض ، وكلمة
__________________
(١) «يعدلون» من «عدل» على وزن «حفظ» بمعنى التساوي ، وهي هنا بمعنى (العديل) أي الشريك والشبيه والمثيل.