المدّة أو إنهاءها ، ولكن كثيرا ما يطلق على الفرصة الأخيرة اسم «الأجل» ، فتقول ، مثلا : جاء أجل الدّين ، أي أنّ آخر موعد التسديد الدّين قد حل. ومن هنا أيضا يكون التعبير عن آخر لحظة من لحظات عمر الإنسان بالأجل لأنّها موعد حلول الموت.
ثمّ لاستكمال البحث تقول : (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ).
بعد ذلك تخاطب الآية المشركين وتقول لهم : (ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) أي تشكون في قدرة الخالق الذي خلق الإنسان من هذه المادة التافهة (الطين) واجتاز به هذه المراحل المدهشة ، وتعبدون من دونه موجودات لا قيمة لها كالأصنام.
لا شك أنّ «الأجل المسمى» و «أجلا» في الآية مختلفتان في المعنى ، أمّا اعتبار الإثنين بمعنى واحد فلا ينسجم مع تكرار كلمة «أجل» خاصّة مع ذكر القيد : «مسمى» في الثّاني.
لذلك بحث المفسّرون كثيرا في الاختلاف بين التعبيرين ، والقرائن الموجودة في القرآن والرّوايات التي وصلتنا عن أهل البيت عليهمالسلام تفيد أنّ «أجل» وحدها تعني غير الحتمي من العمر والوقت والمدّة ، و «الأجل المسمى» بمعنى الحتمي منها ، وبعبارة أخرى «الأجل المسمى» هو «الموت الطبيعي» و «الأجل» هو الموت غير الطبيعي.
ولتوضيح ذلك نقول : إنّ الكثير من الموجودات لها من حيث البناء الطبيعي والذاتي الاستعداد القابلية للبقاء مدّة طويلة ، ولكن قد تحصل خلال ذلك موانع تحول بينها وبين الوصول إلى الحد الطبيعي الأعلى ، افترض سراجا نفطيا يستطيع أنّ يبقى مشتعلا مدّة عشرين ساعة مع الأخذ بنظر الإعتبار سعته النفطية ، غير أن هبوب ريح قوية ، أو هطول المطر عليه أو عدم العناية به ، يكون سببا في قصر مدّة الإضاءة ، فإذا لم يصادف السراج أي مانع ، وظل مشتعلا حتى آخر قطرة من نفطه ثمّ انطفأ نقول : إنّه وصل إلى أجله المحتوم ، وإذا أطفأته الموانع قبل ذلك ، فيكون عمره «أجل» غير محتوم.