ما أعجب هذا التعبير! فقد يخسر المرء أحيانا ثروته أو مركزه أو أي نوع آخر من أنواع رأس المال ، ففي هذه الحالات يكون قد خسر شيئا ، ولكن هذا الشيء الذي خسره لا يكون جزءا من وجوده ، أي أنّه خارج وجوده ، أمّا أعظم الخسائر التي هي في الواقع الخسارة الحقيقية ، فهي عند ما يخسر الإنسان أصل وجوده.
إنّ أعداء الحقيقة والمعاندين يخسرون تماما رأس مال العمر ورأس مال الفكر والعقل والفطرة وجميع المواهب الروحية والجسمية التي كان ينبغي لهم أن يستخدموها في طريق الحقّ للوصول إلى مرحلة التكامل ، وعندئذ لا يبقي رأس المال ولا صاحبه.
لقد ورد هذا التعبير في عدد من آيات القرآن الكريم ، وهي تعبيرات مرعبة عن المصير المؤلم الذي ينتظر منكري الحقيقة والمذنبين الملوثين.
سؤال :
قد يقال : إنّ الحياة الأبدية تكون مصداقا للرّحمة بالنسبة للمؤمنين فقط ، أمّا لغيرهم فهي لا تعدو أن تكون شقاء وتعاسة.
الجواب :
لا شك أنّ الله هو الذي يوفر فرص الرحمة ، فهو الذي خلق الإنسان ، ووهب له العقل ، وأرسل له الأنبياء لقيادته وهدايته ، ومنحه مختلف أنواع النعم ، وفتح أمامه طريقا للحياة الخالدة ، فهذه كلّها ألوان من الرحمة.
والإنسان في غضون مسيرته للوصول إلى ثمرات هذه الرحمة إذا انحرف عن طريق وحول هذه الرحمة إلى عذاب وشقاء ، فإنّ ذلك لا يخرجها عن كونها رحمة ، بل الإنسان هو الملوم على الانحراف عنها وتبديلها إلى عذاب وألم.
الآية الثّانية تكمل في الواقع الآية السابقة ، فالآية السابقة تشير إلى أنّ الله مالك كلّ شيء يستوعبه ظرف «المكان» : (قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ...؟