يكن صريعه ، وأخيرا ، وبحسب قانون الخلق الثابت ، يظهر وجه الحقّ من وراء السحب ، وينتصر بماله من قوّة ، ويتلاشى الباطل كما يتلاشى الزبد الطافي على سطح الماء ، وعليه فإنّ مساعيهم سوف تتحطم على صخرة الإخفاق والخيبة وما يهلكون غير أنفسهم ، ولكنّهم لا يدركون الحقيقة : (وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ).
الصاق تهمة عظيمة بأبي طالب مؤمن قريش :
يتّضح ممّا قيل في تفسير هذه الآية أنّها تتابع الكلام على المشركين المعاندين وأعداء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الألداء ، والضمير «هم» يعود بموجب قواعد الأدب واللغة ـ إلى الذين تتناولهم الآية بالبحث ، أي الكفار المتعصبين الذين لم يدخروا وسعا في إيذاء النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ووضع العثرات في طريق الدعوة إلى الإسلام.
ولكن ـ لشديد الأسف ـ نرى بعض المفسّرين من أهل السنة يخالفون جميع قواعد اللغة العربية ، فيقطعون الآية الثّانية من الآية الاولى ويقولون : إنّها نزلت في أبي طالب والد أمير المؤمنين علي عليهالسلام.
أنّهم يفسرون الآية هكذا : هناك فريق يدافعون عن رسول الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم ولكنّهم في الوقت نفسه يبتعدون عنه : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) وهم يستشهدون في توكيد رأيهم ببعض الآيات الأخرى من القرآن ، ممّا سنتناوله في موضعه ، مثل الآية (١١٤) من سورة التوبة والآية (٥٦) من سورة القصص.
لكن جميع علماء الشيعة وجمع من علماء أهل السنة ، ومثل ابن أبي الحديد شارح نهج البلاغة والقسطلاني في «إرشاد الساري» وزيني دحلان في حاشية السيرة الحلبية ، ويعتبرون أبا طالب من مؤمني الإسلام ، وهناك في المصادر الإسلامية الأصيلة دلائل كثيرة على هذا.
ومن يطالع هذه الأدلة يندفع للتساؤل بدهشة : ما السبب الذي حدا ببعضهم