كما جاء في آيات أخرى من القرآن ، لذلك يأمر الله رسوله أنّ : (قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) إلّا أنّ في ذلك أمرا أنتم عنه غافلون ، وهو أنّه إذا حقق الله مطاليبكم التي يدفعكم إليها عنادكم ، ثمّ بقيتم على عنادكم ولم تؤمنوا بعد مشاهدتكم للمعاجز ، فسوف يقع عقاب الله عليكم جميعا ، وتفنون عن آخركم ، لأنّ ذلك سيكون منتهى الاستهتار بمقام الألوهية المقدس وبمبعوثه وآياته ومعجزاته ، ولهذا تنتهي الآية بالقول : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ).
إشكال :
يتبيّن من تفسير «مجمع البيان» أنّ بعض مناوئي الإسلام قد اتّخذوا من هذه الآية ـ منذ قرون عديدة ـ دليلا يستندون إليه في الزعم بأنّه لم تكن لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أية معجزة ، لأنّه كلما طلبوا منه معجزة كان يكتفي بالقول : إنّ الله قادر على ذلك ، ولكن أكثركم لا تعلمون ، وهذا ما نهجه بعض الكتاب المتأخرين فأحيوا هذه الفكرة البالية مرّة أخرى.
الجواب :
أوّلا : يبدو أنّ هؤلاء لم يمعنوا النظر في الآيات السابقة والتّالية لهذه الآية ، وإلّا لأدركوا أنّ الكلام يدور مع المعاندين الذين لا يستسلمون للحق مطلقا ، وإنّ موقف هؤلاء هو الذي منع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من إجابة طلبهم ، فهل نجد في القرآن أنّ طلاب الحقيقة سألوا الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يحقق لهم معجزة فامتنع؟ الآية (١١١) من هذه السورة نفسها تتحدث عن أمثال هؤلاء فتقول : (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا).
ثانيا : تفيد الرّوايات أنّ هذا الطلب تقدم به بعض رؤساء قريش ، وكان هدفهم من ذلك إهانة القرآن والإعراض عنه ، فمن الطبيعي أن لا يستجيب