يظهر أنّ ضمير (هم) يعود إلى الدواب والطير على اختلاف أنواعها وأصنافها ، أي أنّ لها ـ أيضا بعثا ونشورا ، وثوابا وعقابا ، وهذا ما يقول به معظم المفسّرين ، إلّا أنّ بعض المفسّرين ينكرون هذا ، ويفسّرون هذه الآية والآيات المشابهة تفسيرا آخر ، كقولهم : إنّ معنى «الحشر إلى الله» هو الموت والرجوع إلى نهاية الحياة (١).
ظاهر الآية يشير ـ كما قلنا ـ إلى البعث والحشر يوم القيامة.
من هنا تنذر الآية المشركين وتقول لهم : إنّ الله الذي خلق جميع الحيوانات ووفر لها ما تحتاجه ، ورعى كل أفعالها ، وجعل لها حشرا ونشورا ، قد أوجد لكم دون شك بعثا وقيامة ، وليس الأمر كما تقول تلك الفئة من المشركين من أنّه ليس ثمّة شيء سوى الحياة الدنيا والممات.
* * *
ملاحظات :
١ ـ هل هناك بعث للحيوانات؟
ما من شك أنّ الشّرط الاوّل للمحاسبة والجزاء هو «العقل والإدراك» ويستتبعهما (التكليف والمسؤولية).
يقول أصحاب هذا الرأي : إنّ لديهم ما يثبت أن للحيوانات إدراكا وفهما بمقدار ما تطيق ، ومن ذلك أن حياة كثير من الحيوانات تجري وفق نظام دقيق ومثير للعجب ، ويدلّ على ارتفاع مستوى إدراكها وفهمها ، فمن ذا الذي لم يسمع بالنمل والنحل وتمدّنها العجيب ونظامها المحير في بناء بيوتها وخلاياها ، ولم يستحسن فهمها وإدراكها؟ فعلى الرغم من أنّ بعضهم يعزوا ذلك كله إلى نوع من
__________________
(١) نقل هذا الاحتمال صاحب المنار عن ابن عباس.