فكلا الفريقين غريقان في ظلمات الجهل وعبادة الذات (١).
وبعد ذلك يقول القرآن الكريم : (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
سبق أن قلنا إنّ نسبة الهداية والضلالة إلى مشيئة الله وإرادته نسبة تفسرها آيات أخرى في القرآن يقول سبحانه : (يُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) ويقول : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) وفي موضع آخر يقول : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) يتّضح من هذه الآيات وغيرها من الآيات القرآنية أنّ الهداية والضلالة اللتين تنسبان في هذه الحالات إلى مشيئة الله إنّما هما في الحقيقة ثواب الله وعقابه لعباده على أفعالهم الحسنة أو السيئة.
وبعبارة أخرى : قد يرتكب الإنسان أحيانا إثما كبيرا يؤدي به إلى أن يحيط بروحه ظلام مخيف ، فتفقد عينه القدرة على رؤية الحقّ ، وتفقد أذنه القدرة على سماع صوت الحقّ ، ويفقد لسانه القدرة على قول الحقّ.
وقد يكون الأمر على عكس ذلك ، أي قد يعمل الإنسان أعمالا صالحات كثيرة بحيث أن عالما من النّور والضوء يشع في روحه ، فيتسع بصره وبصيرته ، وتزداد أفكاره إشعاعا ، ويكون لسانه ابلغ في إعلان الحقّ ، ذلكم هو مفهوم الهداية والضلالة اللتين تنسبان إلى إرادة الله ومشيئته.
* * *
__________________
(١) «الميزان» ج ٧ ، ص ٨٤.