الحالة النفسية التي تصوّرها هذه الآية لا تنحصر في المشركين ، بل في كل إنسان حين يتعرّض إلى الشدة وحوادث الخطر وقد لا يلجأ الإنسان في الحوادث الصغيرة والمألوفة إلى الله ، إلّا أنّه في الحوادث الرهيبة والمخيفة ينسى كل شيء وإن ظل في أعماقه يحس بأمل في النجاة ينبع من الإيمان بوجود قوة غامضة خفية ، وهذا هو التوجه إلى الله وحقيقة التوحيد.
حتى المشركون وعبدة الأصنام لا يخطر لهم التوسل بأصنامهم ، بل ينسونها في مثل هذه الظروف تماما ، فتقول الآية : (بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ).
* * *
بحوث
هنا يحسن الالتفات إلى النقاط التّالية :
١ ـ إنّ الاستدلال المطروح في هاتين الآيتين هو الاستدلال على التوحيد الفطري الذي يمكن الاستفادة منه في مبحثين : الأوّل : في إثبات وجود الله ، والثّاني : في إثبات وحدانيته ، لذلك استشهدت الرّوايات الإسلامية والعلماء المسلمون بهاتين الآيتين للرد على منكري وجود الله ، وكذلك للردّ على المشركين.
٢ ـ من الملاحظ أنّ الاستدلال المذكور تطرق إلى (قيام الساعة) ، وقد يقال : إنّ المخاطبين لا يؤمنون بالقيامة أصلا ، فكيف يمكن طرح مثل هذا الاستدلال أمام هؤلاء؟
__________________
المعنى يساوي قولك : (أخبرني) أو (أخبروني) ، ولكن الحقّ أنّ الجملة تحتفظ بمعناها الاستفهامي ، و (أخبروني) ملازم للمعنى ، لا المعنى نفسه ، والمعنى يساوي «أعلمتم»؟