ملاحظات :
هنا لا بدّ من الالتفات إلى عدّة نقاط :
١ ـ لعل ذكر «التضرع» وهو الدعاء علانية ، و «الخفية» هي الدّعاء في السرّ ، إشارة إلى أنّ المصائب تختلف ، فالتي لم تصل مرحلة شديدة قد تستدعي الدعاء خفية ، وعند ما تكون شديدة تحمل المرء على أن يرفع يديه بالدعاء جهرا ، وقد يصاحب ذلك البكاء والصراخ ، أي أنّ الله يحل مشاكلكم خفيفها وشديدها.
٢ ـ يرى بعضهم أنّ الآية تشير إلى أربع حالات نفسية في الإنسان ، كل واحدة منها ردة فعل معينة لظهور المشاكل : حالة «الدعاء» وحالة «التضرع» وحالة «الإخلاص» وحالة «تقديم الشكر عند النجاة من الأخطار».
ولكنّ الذي يؤسف له أن هذه الحالات تمر ببعض الناس مرورا خاطفا وكأنّه حالات اضطرارية في مواجهة الأخطار والمشاكل ، وبما أنّها ليست مصحوبة بالوعي والإدراك ، فإنّها تخفت وتنطفئ بمجرّد انتهاء الأزمة.
وبناء على ذلك ، فإن هذه الحالات ، وان تكن خاطفة ، تستطيع أن تكون دليلا على معرفة الله لمن عسر عليه ادراك الدلائل الأخرى.
٣ ـ «الكرب» في الأصل بمعنى حفر الأرض وقلبها ، وكذلك تعني العقدة المحكمة الشد في حبل الدلو ، ثمّ أطلقت بعد ذلك على الغم والهم والحزن التي تقلب قلب الإنسان وتثقل عليه كالعقدة.
لذلك فإنّ ذكر «الكرب» بما له من المعنى الواسع الذي يشمل أنواع المشاكل والأزمات بعد ذكر «ظلمات البرّ والبحر» والتي تشمل جانبا من المشاكل فقط ، يعتبر من قبيل ذكر مفهوم عام بعد بيان مفهوم خاص (تأمل بدقة).
وهذا يجدر بنا أنّ نذكر حديثا تورده بعض التفاسير في هذه الآية : روي عن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «خير الدعاء الخفي وخير الرزق ما يكفي»(لا الثروات الضخمة التي هي حصيلة حرمان الآخرين ، وتكون عبئا على كاهل