هل كان آزر أبا إبراهيم؟
تطلق كلمة «الأب» في العربية على الوالد غالبا ، ولكنّها قد تطلق أيضا على الجد من جهة الأمّ وعلى العم ، وكذلك على المربي والمعلم والذين يساهمون بشكل ما في تربية الإنسان ، ولكنّها إذا جاءت مطلقة فانّها تعني الوالد ما لم تكن هناك قرينة تدلّ على غير ذلك.
فهل الرجل الذي تشير إليه الآية (آزر) هو والد إبراهيم؟ أيجوز أن يكون عابد الأصنام وصانعها والد نبي من أولي العزم؟ ألا يكون للوراثة من هذا الوالد تأثير شيء في أبنائه؟
بعض مفسّري أهل السنّة يجيب بالإيجاب على السؤال الأوّل ، ويعتبر آزر والد إبراهيم الحقيقي ، أمّا المفسّرون الشيعة فيجمعون على أن آزر ليس والد إبراهيم ، بل قال بعضهم : إنّه كان جدّه لأمّه ، وقال أكثرهم : إنّه كان عمه ، وهم في ذلك يستندون إلى القرائن التّالية :
١ ـ لم يرد في كتب التّأريخ أنّ أبا إبراهيم هو آزر ، بل يقول التّأريخ إنّ اسم أبيه هو «تارخ» وهذا ما ورد أيضا في العهدين القديم والجديد ، والذين يعتبرون آزر والد إبراهيم يستندون إلى تعليلات لا يمكن قبولها من ذلك أنّهم يقولون : إنّ اسم والد إبراهيم هو تارخ ولقبه آزر ، وهذا القول لا تسنده الوثائق التّأريخية.
أو يقولون : إنّ «آزر» اسم صنم كان أبو إبراهيم يعبده ، وهذا القول لا يأتلف مع هذه الآية التي تقول أن أباه كان آزر ، إلّا إذا قدرنا جملة أو كلمة ، وهذا أيضا خلاف الظاهر.
٢ ـ يقول القرآن : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى) ... ثمّ لكيلا يتخذ أحد من استغفار إبراهيم لآزر حجّة يقول :
(وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ