ثمّ يبيّن القرآن هدف نزوله وهو توجيه الإنذار والتحذير لأم القرى (مكّة) والساكنين حولها وتنبيههم إلى مسئولياتهم وواجباتهم : (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) (١).
«الإنذار» اخبار فيه تخويف من ترك الواجبات والمسؤوليات وهذا من أهم أهداف القرآن ، خاصّة بالنسبة للطغاة المعاندين.
وفي الختام تقرر الآية أنّ الذين يعتقدون بيوم القيامة ، يوم الحساب والجزاء ، سيصدقون بهذا الكتاب ، ويؤدون فريضة الصّلاة ولا يفرطون فيها : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ).
* * *
بحوث
نلفت الانتباه هنا إلى النقاط التّالية :
١ ـ الإسلام دين عالمي
تبيّن آيات القرآن المختلفة بما لا يدع مجالا للشك أنّ الإسلام دين عالمي ، من ذلك : (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) (٢) و (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) (٣). و (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) (٤) وغيرها كثير في القرآن ، ولكلّها تؤكّد هذه الحقيقة ، وإنّه لمما يثير الانتباه أنّ معظم هذه الآيات قد نزلت في مكّة يوم لم يكن الإسلام قد تخطى حدود تلك المدينة.
ولكن فيما يخص الآية التي نحن بصددها ، يظهر لنا السؤال التالي : إنّ الآية
__________________
(١) يختلف المفسّرون في الجملة التي يمكن أن نعطف عليها جملة «ولتنذر» ولعلها معطوفة على جملة محذوفة بمعنى «لتبشر» أو مثلها.
(٢) الأنعام ، ١٩.
(٣) الأنعام ، ٩٠.
(٤) الأعراف ، ١٥٨.