الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) (١) أي لو أنك ـ أيّها النّبي ـ رأيت هؤلاء الظالمين وهم يمرون بشدائد الموت والنزع الأخير ، وملائكة قبض الأرواح ما دين أيديهم نحوهم ويقولون لهم : هيا أخرجوا أرواحكم ، لأدركت العذاب الذي ينزل بهم.
عندئذ تخبرهم ملائكة العذاب بأنّهم سينالون اليوم عذابا مذلا لأمرين : الأوّل : إنّهم كذبوا على الله ، والآخر ، إنّهم لم ينصاعوا لآياته : (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ).
* * *
ملاحظات :
ينبغي هنا ملاحظة النقاط التّالية :
١ ـ تعتبر الآية أدعياء النبوة والقادة المزيفين من أشد الظالمين ، بل لا ظلم أشدّ من ظلمهم ، لأنّهم يسرقون أفكار الناس ويهدمون عقائدهم ويغلقون بوجوههم أبواب السعادة ويحيلونهم إلى مستعمرين فكريا لهم.
٢ ـ جملة (باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) قد تعني أنّ ملائكة قبض الأرواح تبسط أيديها إليهم استعدادا لقبض أرواحهم ، وقد تعني بسط أيديهم للبدء بتعذيبهم.
٣ ـ (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) تعني في الواقع ضربا من التحقير تبديه الملائكة نحو هؤلاء الظالمين ، وإلّا فإنّ إخراج الروح ليس من عمل هؤلاء ، بل هو من واجب الملائكة ، مثل ما يقال للمجرم عند إعدامه : مت! ولعل هذا التحقير يقابل تحقيرهم لآيات الله وأنبيائه وعباده.
__________________
(١) «الغمرات» جمع غمرة (على وزن ضربة) ، وأصل الغمر إزالة أثر الشيء ، ثمّ استعملت للماء الكثير الذي ليستروجه الشيء تماما ، كما تطلق على الشدائد والصعاب التي تغمر المرء.